إبداء الرأي بهذا الشكل إجماعا (١).
وجاء عن المبسوط للسرخسي : ان عمر كان يستشير الصحابة مع فقهه ، حتى كان إذا رفعت إليه حادثة قال ادعوا عليا وادعوا لي زيدا. فكان يستشيرهما ثم يفصل بما اتفقا عليه.
وقال الشعبي : كانت القضية ترفع الى عمر بن الخطاب فربما تأمل في ذلك ويستشير أصحابه.
ورووا عن سعيد بن الحسيب ان عليا (ع) قال : قلت يا رسول الله الأمر ينزل بنا ما لم ينزل فيه القرآن ، ولم تمض فيه منك سنة قال أجمعوا له العالمين فاجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واحد (٢).
الى غير ذلك من الوثائق التي تنص على ان الصحابة كانوا يقدسون رأي الجماعة إذا اتفقوا على شيء واحد وكان ذلك منهم البذرة الأولى للإجماع الذي تتطور أخيرا وأصبح موضع جدل بين العلماء في بعض نواحيه كما سنعرض بعض الآراء فيه في الفصول الآتية :
وقد غالى بعض أنصار الإجماع فادعوا بأن الرسول (ص) هو الذي وضع لهم نواته ورووا عنه أنه قال : ما اجتمعت أمتي على ضلال ، ويد الله مع الجماعة ، وانه أمرهم بأن يجمعوا العالمين ويعملوا برأيهم فيما إذا عرضت عليهم مشكلة ولم يجدوا حكمها في الكتاب والسنة (٣).
كما استدلوا أيضا بالآية من سورة النساء : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ
__________________
(١) تاريخ التشريع للخضري ص ١١٤ و ١١٥.
(٢) انظر فجر الإسلام لأحمد أمين ص ٢٣٩ و ٢٤٠.
(٣) كما جاء ذلك في مروية سعيد بن الحسيب عن علي (ع) التي أوردناها من قبل.