قضاء في المسألة ، أخذ بما يجمع عليه أهل العلم والرأي من الصحابة (١).
وقد تضاعفت الحاجة الى الخروج من تلك الأزمة التي أحس بها المسلمون بعد وفاة الرسول وهي فقرهم في المصادر التي تحل مشاكلهم وتؤمن لها الحلول الصحيحة عند ما أخذ الكثيرون من الصحابة ينزحون عن المدينة إلى تلك البلاد التي فتحها المسلمون ، وما نتج عن ذلك من شيوع الحديث والكذب فيه ، وتعمق المسلمين في دراسة القرآن والسنة ، فكان من الطبيعي أن تضعف الثقة ببعض المرويات عن الرسول (ص) وان يصح الحديث عند شخص ولا يصح عند غيره ، وان يصبح استفادة الحكم من الكتاب منوطا بالاجتهاد في الغالب ، ولذا كثر الاختلاف بين الصحابة في فهم آيات التشريع وفي الفتوى واعتماد كل منهم على أحاديث ينسبها الى الرسول مؤيدة لادعائه وعلى بعض الآيات القرآنية.
ومهما كان الحال فالإجماع قد وضع نواته الشيخان أبو بكر وعمر عند ما كانت الحوادث تعرض عليهما ولا يجدان لها حلا في الكتاب والسنة ، ويؤيد ذلك ما جاء في تاريخ التشريع الإسلامي للشيخ الخضري : ان أبا بكر كان إذا لم يجد في الكتاب نصا ، ولا عند الناس سنة يجمع الناس ويستشيرهم ، فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به.
وأضاف الى ذلك : كان الشيخان إذا استشارا جماعة في حكم فأشاروا فيه برأي تبعه الناس ، ولا يسوغ لأحد ان يخالفه ، وسمي
__________________
(١) انظر المدخل لدراسة نظام المعاملات للدكتور محمد يوسف مرسي ص ٢٩ وانظر اعلام الموقعين لابن القيم ج ١ ص ٥١ و ٧٠.