حروب الردة جماعة منهم ، على ان السنة الصحيحة لم تتعرض لأحكام الجزئيات ما كان منها وما هو كائن ، لا سيما وقد انتشر الإسلام انتشارا عظيما سريعا في سنوات معدودات ، ونال المسلمون من الغنى في المال وزخرف الحياة ما لا عهد لهم به من قبل ، بعد استيلائهم على بلاد الفرس والرومان ، تلك البلاد الغنية بحضاراتها وعلومها المتمدنة كأرقى ما وصلت إليه المدنية في ذلك العصر ، فواجه المسلمون بعد وفاة الرسول مسائل كثيرة ، ومشاكل في كل شأن من شؤون الحياة نتجت عن اتصال العرب بغيرهم وتطور الحياة في مختلف الميادين وكل هذه الحوادث تحتاج الى تشريعات لم يكونوا يحتاجون إليها من قبل ولم ترد نصوص في الكتاب والسنة تتعرض لأحكامها ، فنتج من كل ذلك أصلان من أصول التشريع وهما الإجماع والقياس. وأصبحت أصول التشريع أربعة بعد وفاة الرسول (ص) ، ويبدو ان الإجماع في المرحلة الأولى من مراحل تطوره كان قوامه اتفاق جماعة من الفقهاء على رأي واحد في المسألة الواحدة.
قال الدكتور محمد يوسف موسى : كان أبو بكر إذا سئل عن شيء أو جاءه خصم في قضية من القضايا نظر أولا إلى القرآن ، فإن وجد فيه حكم الواقعة المطلوب معرفة حكم الله فيها قضى به ، فان لم يجد ما يريد لجأ الى ما يعرفه من أحاديث الرسول فإن وجد طلبه قضى به ، فان لم يجد لا في الكتاب ولا في السنة لجأ إلى الصحابة ، فإن وجد عند أحدهم في ذلك شيئا عن الرسول قضى به. وحمد الله على ان في الأمة من يحفظ علم رسوله وان أعياه الأمر جمع من يرى من خيار الناس وأهل الرأي والعلم فاستشارهم ، ثم يقضي بما يجتمعون عليه.
وأضاف الى ذلك : ان عمر بن الخطاب بعد ان آلت اليه خلافة المسلمين ، إذا لم يجد ما يبغي في القرآن والحديث ، فإن لم يجد لأبي بكر