يرى ذلك منسجما مع المصلحة ، وهو يعلم ما ينتج عن رأي الخليفة من آثار سيئة على الفقه والحديث ، لا تزال الأجيال من بعده تتجرع مرارتها حتى اليوم.
لقد دون علي (ع) الفقه كله ، حتى أرش الخدش ، ودون الحديث كما سمعه من الرسول الذي كان يؤثره على كل أصحابه وأعوانه. ولم يستجب هو وأصحابه لرأي الخليفة ، بل نظر الى هذا الأمر من الزاوية التي اعتاد ان ينظر منها والتي ينسى نفسه في سبيلها ، وهي الحرص على الدين والمبادئ التي نادى بها القرآن وجاءت بها السنة الكريمة. ونظر غيره من زاوية أخرى ، فاستجاب له أكثر المسلمين من الصحابة والتابعين جيلا كاملا ، يفتون ويروون عن الرسول ما يشاؤون ، من غير ان يدونوا ، حتى ما عندهم من أحاديث وأحكام. ونتج من هاتين النظريتين ، اختلاف بين الصحابة في كتابة الفقه والحديث ، فمنعها جماعة وأباحها آخرون. قال السيوطي في تدريب الراوي : كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم ، فكرهها كثير منهم ، وأباحها جماعة وفعلوها ، منهم علي وابنه الحسن عليهماالسلام. والصواب رجحانها ، وكفى دليلا عليه ، فعل علي وابنه الحسن. وطبيعي أن يرى شيعة علي من الصحابة رأيه في ذلك ، ولم يكونوا بأقل شأنا من غيرهم ممن شاءت السياسة ان ترفعهم على هام الناس. ولم ينقل الرواة عن الرسول في حق أحد من المسلمين أصح مما نقلوه في سلمان وعمار وابي ذر وحبر الأمة ، عبد الله بن عباس ، وغيرهم ممن كانوا يرون رأي علي ويترسمون خطاه ، لا بد وان يكونوا قد قاموا بنصيبهم من التشريع وتدوين الحديث. وفي كتب الرجال والحديث ما يؤيد هذا الرأي.
قال النجاشي : كان أبو رافع ممن أسلم قديما بمكة وهاجر مع النبي