يلونها من أمراء السوء ، وأضاف الى ذلك : أن أبا هريرة كان يكني عن بعض ذلك ولا يصرح به خوفا على نفسه ممن يسيئه ما يقوله ، كقوله أعوذ بالله من رأس الستين وامارة الصبيان.
والذي يبعث على الاستغراب ان هؤلاء بينما يؤكدون بأن أبا هريرة اسلم قبل وفاة الرسول بثلاثة أعوام ، وأنه كان معدما يهمه أكثر من أي شيء أن يملأ بطنه يروون بأنه حفظ دعاءين من علم الرسول ، ولم يحدث بالدعاء الثاني خوفا على نفسه ، فكأن الرسول (ص) لم يجد بين المسلمين من يأتمنهم على تلك المغيبات التي اختصه بها الله سبحانه مع العلم بأن فيهم من رافقه منذ أن بعثه الله الى ان اختاره اليه وكان اقرب الى قلبه من جميع الناس.
فأبو هريرة لازم الرسول ، حتى لحق بربه ، وكان من كبار أئمة الفتوى ، كما يزعم الشيخ الخضري ، مع انه اسلم في السنة السابعة من هجرة الرسول ، اي قبل وفاة الرسول بثلاث سنين. ومع ذلك عنده دعاء ان من العلم بث احدهما وخاف ان تضل الأمة ان هو بث الآخر. ولم ينقل احد من الرواة ان اسلامه سبق هذا التاريخ. ولم يكن له اي شأن ، في زمن النبي ولا في عهد الخليفتين ابي بكر وعمر ، ولم يقبل احد حديثه الا في عهد عثمان. وكان كل همه في الأيام التي ادرك فيها الرسول ان يشبع بطنه ، كما اخبر عن نفسه. وبعد وفاة الرسول ، قال عنه جماعة من اعيان الصحابة انه اكذب الناس ، وضربه عمر بدرته وهدده بالنفي الى الأراضي التي كان يرعى فيها الغنم قبل اسلامه (١).
لقد اعطاه الخضري هذه الأوصاف والألقاب ، ولم يعط مثلها لأحد
__________________
(١) تاريخ الفقه الاسلامي ، واضواء على السنة المحمدية.