الفسق ، وصحبة الرسول ، ولو أياما قليلة ، تحول بين الإنسان وجميع المعاصي (١). فكأنه لم يكن في الصحابة منافقون ، ولم يرتكب أحدهم صغيرة ولا كبيرة ، ولا ارتد أحد منهم بعد موت الرسول ، ولا غير أحد منهم من سنته وسيرته شيئا ، وكأنه لم يكن شيء مما أجمعت عليه كتب التاريخ الصحيحة.
قال الشيخ محمد الخضري في حديثه عن أبي هريرة ، متجاهلا تلك الحقائق ، التي حملتها كتب التاريخ والحديث والرجال : ان أبا هريرة ، لازم الرسول ، حتى لحق بربه ، وكان من أوعية العلم ، ومن كبار ائمة الفتوى ، مع الجلالة في العبادة والتواضع ، وكان من احفظ الصحابة. وان ابن عمر قال له : كنت لا لزمنا برسول الله واعملنا بحديثه (٢).
وقال هو عن نفسه : رب كيس عند أبي هريرة من العلم لم يفتحه ، وكان يقول : حفظت من رسول الله (ص) دعاءين ، أما أحدهما فبثثته ، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم ، وجاء عنه انه قال : لو أنبأتكم بكل ما أعلم لرماني الناس بالخرف ، وقالوا : أبو هريرة مجنون (٣).
وقال محمد عجاج الخطيب : ومن هنا يتأكد أن الدعاء الثاني لم يكن فيه ما يتعلق بالأحكام ، ولا بالآداب والأخلاق ، ويرجح أن يكون بعض ما يتعلق بأشراط الساعة ، أو بعض ما يقع للأمة من فتن ، ومن
__________________
(١) الاضواء على السنة. قال : لقد اعتبروهم جميعا عدولا ، لا يجوز عليهم نقد ولا يتجه إليهم تجريح ص ٣١٠.
(٢) تاريخ التشريع الإسلام ص ١٥٠.
(٣) السنة قبل التدوين ص ٤٢٦ عن طبقات بن سعد ، وفتح الباري وحلية الأولياء.