تركوه من الآثار ، لأنهم كانوا ألصق بالرسول (ص) من غيرهم وأطولهم صحبة له. ولم يرد عنه في الأحاديث الصحيحة من التقريظ والتقدير لأحد من صحابته كما ورد عنه فيهم. والذي يعنينا الآن بعد ان انتهينا من الحديث عن التشريع في عصر الصحابة من جميع نواحيه ، وما أحاط به من ظروف وملابسات ، حسب ما تيسر لنا من المصادر والآثار التي دونها الباحثون عن ذلك العصر ان نتحدث عن التشريع الذي انتقل من الصحابة إلى التابعين وتابعيهم ، وعن المناهج والأصول التي استمدوا منها آراءهم وأحكامهم الفقهية.
وقبل الدخول في الموضوع فلا بد لنا من الإشارة الخاطفة الى الوضع السياسي الذي انتهجه الحكام الأمويون بعد ان وصلوا الى الحكم ، ومدى تأثير سياستهم الرعناء وسيرتهم الجائرة التي رسموها لأنفسهم لغاية تدعيم سلطانهم وتثبيت عروشهم ، مهما كلفهم ذلك من ثمن ، على جميع الاتجاهات الإسلامية والنظم التي جاء بها الإسلام ومارسها المسلمون ولمسوها من أقوال الرسول (ص) وسيرته الفاضلة ، وسيرة من جاء بعده من الراشدين.
لقد اتجه الأمويون بكل ما لديهم من قوة ، منذ الأيام الأولى من عهدهم إلى سياسة البطش والمكر وتبذير الأموال ، والإسراف في إراقة الدماء وتسخير الضمائر لدس الأحاديث والكذب على الرسول ، لغرض التمويه والتضليل ، بشرعية اغتصابهم لأقدس حق من حقوق المسلمين ، وهو الخلافة الإسلامية ، التي تتصل بالنبوة اتصالا وثيقا ، وتستقي من فيضها كل ما تحتاج إليه الأمة من بعث وتوجيه وإصلاح في جميع الحقول والميادين.
أجل لقد اتجه ابن هند وعصابته المجرمة الى مطاردة العلماء