على مخلفات الرسول وآثار الإسلام ، لقد غير اتجاه العلماء وحفاظ الأحاديث ، الذين كانوا يعتمدون على الحفظ والأخذ ممن تقدمهم. وراجت فكرة التدوين بينهم ، فقام بعض العلماء بجمع السنّة وتدوينها ونشطوا الى ذلك في مختلف الأمصار.
وفي مختصر جامع بيان العلم أن أول من دون العلم وكتبه ابن شهاب الزهري وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : كنا نكتب الحلال والحرام وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع (١).
وذكر الأستاذ أبو ريّه ، عن الزهري ، انه قال : كنا نكره كتابة العلم ، حتى أكرهنا عليه. وان هشاما الذي تولى الخلافة سنة ١٠٥ ه واصل مساعيه لتنفيذ فكرة التدوين ، التي اتفق المؤرخون بأن أول من دعا إليها من الحكام عمر بن عبد العزيز ، وأكره الزهري عليها حتى الف الناس ذلك ، وأصبح سنة عندهم. ووضع العلماء في هذا الموضوع المجلدات الضخمة ، على مراحل ، كانت أولاها غير مرتبة على أبواب الفقه وفصوله ، والذي كان أولا على نمط ما كان يجري في مجالس العلماء ، تلك المجالس التي لم تكن مخصصة لعلم من العلوم. فكان المجلس الواحد يشتمل على علوم متعددة. وقد ورد عن عطاء ، في وصفه لمجلس ابن عباس ، انه لم ير مجلسا أكرم منه ، ولا أكثر فقها وأعظم هيبة في مجلسه ، أصحاب القرآن وأصحاب الشعر وأصحاب العربية يسألونه ، وكلهم يصدر من واد فسيح.
وقال محمد بن دينار في وصفه : ما رأيت مجلسا اجمع لكل خير من مجلسه.
__________________
(١) نفس المصدر (ص ٢٠٠).