ثانيهما : أن رجال الجرح والتعديل من أهل السنة الثقات الحفاظ ، قد وصفوا الواسطي بالكذب والوضع. هذا بالإضافة إلى دقة ترتيبه وتمحيصه للفقه ، في ذلك الزمن المبكر ، الذي سبق أقدم أثر من فقه أهل السنة بنصف قرن تقريبا ، وهو فقه موطإ مالك. وكان حريا بمالك ان يعرفه ويستفيد منه ، لو صدر حقا من الإمام زيد (١). من أجل ذلك خرج (الدكتور يوسف) من بحثه حول هذا الأثر الشيعي ، بالنتيجة التي خرج منها بالنسبة للآثار الشيعية ، التي ينقلها كتاب الشيعة ومحدثوهم ، قديما وحديثا.
والعنصر الوحيد عنده للوثوق برواة آثار الشيعة ان يكون الراوي موثوقا عند المحدثين من أهل السنة ، أو مسكوتا عنه على أقل التقادير. ومن العسير أن يتيسر لنا هذا الشرط ، لأن المحدثين الموثوقين من أهل السنة ، على حد تعبيره ، قد سبقونا بمئات الأعوام ، ووصفوا الشيعة ودعاة التشيع بالكذب والوضع. وفيما يختص بالسبب الثاني الذي اعتمده للتشكيك بهذا الأثر ، فمع ان وحدة الراوي لا تمنع من صحة الرواية ، إذا اجتمعت فيه الشروط المطلوبة في صحة الحديث ، فلم ينفرد بروايته عن الواسطي إبراهيم بن الزبرقان ، بل رواه عنه نصر بن مزاحم المنقري أيضا وغيره (٢).
هذا بالإضافة إلى المغالطات السافرة ، التي اعتمدها للتشكيك بهذا الأثر. ونحن لا نريد أن ندافع عن هذا الأثر لنضيف الى آثار الشيعة
__________________
(١) نفس المصدر (ص ١٩٦ و ١٩٧).
(٢) رجال النجاشي (ص ٢٠٥). وقد ذكر في الكتاب المذكور السند الكامل ، المتصل بنصر بن مزاحم عن الواسطي.