متعاونين ، ومن كتب السير وآيات القرآن الكريم يظهر ان لجميع الأمم أوقات تجتمع فيها للعبادة ، وتقديم الطاعة لآلهتهم ، وقد جاء في سورة الحج (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) ومما جاء في تفسيرها ، جعلنا متعبدا وموضع نسك يقصده الناس (١) ، وكان البيت الحرام لنسك العرب قبل الإسلام ، وهو الذي بناه إسماعيل وأبوه إبراهيم عليهماالسلام ، كما نصت على ذلك الآية (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ)(٢) وفي آية أخرى (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)(٣)(، وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) ومنذ أن بني البيت والعرب يجتمعون فيه في أيام معدودات من كل عام يعبدون الأصنام وينحرون الأنعام ، وقد غيروا الكثير مما كان عليه إبراهيم (ع) ، فعبدوا الأصنام والأوثان ، ووضعوها داخل البيت وفي جواره وعلى ظهره ، وزعموا أنها تقربهم من الله سبحانه ونحروا لها الأنعام وأدخلوا فيه من البدع والعادات ما لم يكن في عهد إبراهيم وإسماعيل. ولما جاء الإسلام حطم أصنامهم وغير الكثير مما كانوا عليه وفرض عليهم الحج الى البيت في أيام من كل عام (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ، قال سبحانه : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وفرض عليهم الخضوع والخشوع والآداب ، بقوله (الْحَجُّ أَشْهُرٌ
__________________
(١) مجمع البيان طبع صيد المجلد الرابع ص ٤٨.
(٢) سورة الحج.
(٣) نفس السورة.