لهم ، والحام هو الذكر من الإبل فإذا انجبت الإبل عشرا من صلب الفحل ، ففي مثل ذلك يصبح كالسائبة لا يركب ولا يمنع عن شيء ، وقيل في تفسير هذه الأربعة غير ذلك (١). وقد وصف القرآن عقيدتهم هذه بأنها افتراء عليه لأنهم نسبوا ذلك الى الله سبحانه ، وأبطل الإسلام ما كان عليه بعضهم من تخصيص ما تلده الأنعام حيا بالذكور وما تلده ميتا بالذكور والإناث ، وتوعدهم على ذلك. وقد حكي عنهم ذلك في الآية ١٣٨ من سورة الأنعام : (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ) وقد احتج القرآن على هؤلاء ووصفهم بالافتراء والكذب والتضليل ، قال سبحانه : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(٢).
وعلى كل حال فقد أحل الكتاب الكريم كل شيء عدا ما نصت على حرمته بعض الآيات التي تقدم ذكرها ، وقد توعد المشركين وأنذرهم بالخزي والعذاب الأليم ، ان لم يرجعوا عن النظام الذي اتخذوه في الصدقات التي جعلوها لأصنامهم وأوثانهم ، وأحل لهم ما حرموه على أنفسهم ووبخهم على تخصيص ذكورهم بما تلده الأنعام حيا ، فالقرآن أحل للإنسان الطيب وحرم عليه الخبيث ، ومعلوم أن المراد
__________________
(١) مجمع البيان جلد ٢ صفحة ٢٥٢.
(٢) سورة الأنعام الآيتان ١٤٣ و ١٤٤.