إذا بذلت نفسها لارضاعه أو رضيت بما يرضى به غيرها ، كما تعرضت لحال الإباء إذا أرادوا مراضع لأبنائهم غير أمهاتهم إذا لم يكن ذلك بقصد الإضرار بالأمهات ، بأن كان ذلك لامتناع أمهاتهم عن ارضاعهم.
لقد وضع القرآن الكريم المبادئ العامة للشريعة الإسلامية ، وقلما نجد في الشريعة شيئا لم يتعرض له القرآن ، ومن ذلك الوصية فقد أمر بها واكدتها السنة الكريمة. وقد جاء فيها عن الرسول (ص) من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية ، وقال سبحانه : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) والمقصود بالخير هو ما تركه الميت من المال. أما مقدار المال الذي يجب فيه الإيصاء فلم تتعرض له الآية ، لذلك اختلفت به أقوال المفسرين ، فعن جماعة هو ما يصدق عليه هذا اللفظ قل أو كثر ، وعن آخرين ان أقله خمسمائة درهم. وعن علي (ع) أنه دخل على مولى له في مرضه وله ستمائة أو تسعمائة درهم فقال : الا أوصى؟ فقال علي (ع) لا! ان الله سبحانه قال : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) وليس لك كثير مال (١). والآية الكريمة صريحة في صحتها للوالدين والأقربين ، فلا مجال للقول بأنها لا تصح لوارث عملا بالحديث المروي «لا وصية لوارث» ولازم هذا القول ان الآية قد نسخت بالحديث ولا يصلح الدليل الظني لنسخ الآية التي هي نص في المورد ، ومهما يكن الحال فقد شرع القرآن الوصية وأكدت رجحانها السنة وليس في الآية ولا في السنة الصحيحة ما يدل على اختصاصها بفريق دون فريق.
__________________
(١) مجمع البيان.