وهو أنّ من شأنه أن يغني من لهب النار وحرّها. ويجوز أن يكون المعنى أنّ الظلّ ، وإن كنتم تعهدونه يغني من الحرّ فهذا لا يغني من اللهب. قال الراغب (١) : قوله : (لا ظَلِيلٍ) أي لا يفيد فائدة الظّلّ في كونه واقيا من الحرّ. قلنا : هذا قد أفاد ولا يغني من اللهب. وأيضا لو كان فائدة قوله : (لا ظَلِيلٍ) ذلك لم يكن لقوله بعد ، ولا يغني فائدة لأنه إذا لم يق الحرّ علم أنه لا يغني من اللهب من باب الأولى والأحرى.
قوله : (ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً)(٢) أصلها ظللت ، وإنّما حذفت اللام الأولى للتّضعيف والكسر ، وفيه وفيما أشبهه ثلاث لغات : ظللت على الأصل ، وظلت بالحذف مع بقاء الفاء على حركتها ، وظلت بكسرها منبهة على حركة المحذوف ، وإن كانوا قد حذفوا أحد المثلين في المضاعف وإن لم يكن كسر نحو : أحست في أحسست ، وهمت في هممت ، وحلت في حللت (٣). فلأن (٤) يحذفوا فيما فيه ذلك وحركة ثقيلة أولى. ومنه قول الشاعر (٥) : [من الوافر]
سوى أنّ العتاق من المطايا |
|
أحسن به فهنّ إليه شوس |
يريد : أحسن. على أنه قد زعم بعضهم أنه جاء ذلك مع الفتح ، وجعل منه : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ)(٦) وليس كذلك حسبما بينّاه في «الدرّ» و «العقد» وغيرهما (٧).
__________________
(١) المفردات : ٣١٥.
(٢) ٩٧ / طه : ٢٠.
(٣) يحذفون الحرف كراهية التقاء المثلين.
(٤) مكررة في الأصل ، فحذفت.
(٥) البيت لأبي زبيد في شرح المفصل : ١٠ / ١٥٤ ، وفي الأمالي : ١ / ١٧٤ وفيه : خلا أن ... حسين به.
(٦) ٣٣ / الأحزاب : ٣٣.
(٧) هي من الوقار. تقول للرجل : قد وقر في منزله يقر وقورا. وقرأ عاصم وأهل المدينة بفتح القاف ، ولا يكون ذلك من الوقار ، ونرى أنهم أرادوا : واقررن في بيوتكن فحذفوا الراء الأولى فحوّلت فتحتها إلى القاف. ومن قال : «وقرن» بكسر القاف يريد واقررن فيحوّل كسرة الراء إذا سقطت إلى القاف ، كان وجها ... (معاني القراء : ٢ / ٣٤٢).