هكذا فزدي أنه
يعني فصدي أنا. وفي حديث ابن عباس : «لا تأكلوا من تعاقر الأعراب فإني لا آمن أن يكون ممّا أهلّ به لغير الله» (١) وذلك أن يتبارى الرجلان في الجود ، فيعقر هذا ويعقر هذا حتى يعجّز أحدهما. وقالت أمّ سلمة : «إنها قالت لعائشة رضي الله عنها : أسكن الله عقيراك فلا تصحريها» (٢) أي أسكنك الله بيتك وعقارك وسترك فيه فلا تبرزيه. قالت لها ذلك عند خروجها إلى البصرة. ويعبّر بالعقر عن مجرّد القطع ؛ ومنه الحديث : «أنّه أقطع فلانا (٣) ناحية واشترط عليه أن لا يعقر مرعاها».
ع ق ل :
قوله تعالى : (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ)(٤) أي لا يتدبّرها ويفهم غرضها ويطابق بينها وبين ما ضربت له إلا من اتّصف بالعلم دون الجهلة. وأصل العقل : الحبس ؛ يقال : عقلت البعير أعقله عقلا : قيّدته بما يحبسه عن الانبعاث. وسمي عقل الإنسان لأنه يمنعه ويحبسه عن محذورات. والعقال : ما يعقل به البعير. قال الشاعر (٥) : [من الوافر]
ألا يا حمز للشّرف النّواء |
|
وهنّ معقّلات بالفناء |
وسمّى الدية عقلا باسم المصدر لأنّ أولياء المقتول إذا عفوا على الدّية أتوهم بالدية وهي الإبل ، فتعقل بدورهم لئلّا تتقلّب. والعقل الذي هو لبّ الإنسان يقال للقوة المتهيّئة لقبول العلم. ثم يقال للمستفاد بتلك القوة : عقل. ومن ثمّ قال أمير المؤمنين رضي الله عنه (٦) : [من مجزوء الوافر]
رأيت العقل عقلين : |
|
فمطبوع ومصنوع |
فلا ينفع مصنوع |
|
إذا لم يك مطبوع |
__________________
(١) النهاية : ٣ / ٢٧٢.
(٢) النهاية : ٣ / ٢٧٤. وهو مصغر مشتق من عقر الدار.
(٣) هو حصين بن مشمّت. والمعنى : أن لا يقطع شجرها (النهاية : ٣ / ٢٧٣).
(٤) ٤٣ / العنكبوت : ٢٩.
(٥) حديث علي وحمزة والشّرب. ورد البيت في اللسان (مادة ـ نوى) ، وفي النهاية (٣ / ٢٨١) ورد العجز.
(٦) التصويب من الديوان : ٨٧. والكلمة الأخيرة في البيت الأول حسب الأصل : ومسموع.