بالعياب على الاستعارة ؛ فإن العيبة وعاء المتاع كالصدور فإنها وعاء الضمائر. ومنه قول الشاعر (١) : [من الطويل]
وكادت عياب الودّ منّا ومنكم |
|
وإن قيل : أبناء العمومة تصفر |
أراد الصدر. وقيل : أراد أنّ بيننا وبينهم موادة ومكافّة تجري مجرى المودة بين المتحابّين.
ع ي ر :
قوله تعالى : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ)(٢) قيل : هم أصحاب الإبل والإبل الحاملة للميرة ، فهو اسم للمجموع. وقد يطلق على كلّ واحد منهما على انفراده. ونسبة السرقة (٣) إنّما تصحّ للناس فقط. وقيل : العير : الإبل والحمير التي تحمل عليها الأحمال ، وأراد أصحاب العير كقوله عليه الصلاة والسّلام : «يا خيل الله اركبي» (٤). والعير لفظ مشترك بين ما ذكرنا وبين الحمار الوحشيّ وبين الناشز على ظهر القدم وبين إنسان العين وبين العظم الذي تحت غضروف الأذن وبين ما يعلو الماء من الغثاء وبين الوتد وبين حرف النّصل. وأراد بعضهم أن يجعل بين الجميع قدرا مشتركا فيكون متواطئا. قال الراغب (٥) : ومناسبة بعضها لبعض فيها تعسّف.
والعيار : تقدير المكيال والميزان ، ومنه عيّرت الدنانير ، أي جعلت لها عيارا. وعيّرته : ذممته ، من العار. وتعاير بنو فلان : تذاكروا العار (٦). وتعاطوا العيارة ، أي الحيلة ، وأصله انفلات العير وانحلاله. ومنه العيّار وهو المحتال. وعيّرته بكذا ، أي ذكرت له مذمّة ما يخشاه. قال الشاعر (٧) : [من البسيط]
__________________
(١) الشاهد في اللسان ـ مادة عيب.
(٢) ٧٠ / يوسف : ١٢.
(٣) الواردة في تتمة الأية : (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ).
(٤) النهاية : ٢ / ٩٤. هذا الحديث على حذف المضاف ؛ أراد : يا فرسان خيل الله ...
(٥) المفردات : ٣٥٣.
(٦) وفي اللسان : عيّر بعضهم بعضا.
(٧) البيت للنابغة كما في الديوان : ٨٣ ، وفيه : قد عيرتني ... أخشاه. ورواية الأصل مناسبة لرواية اللسان.