وفجر الرجل يفجر فجورا فهو فاجر ، والجمع فجّار وفجرة. وقال تعالى : في موضع : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)(١) وفي آخر : (أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ)(٢) وذلك لما فيه من شقّ ستر الديانة ـ كما قدمت تحقيقه ـ. وقيل : أصل الفجور الميل عن القصد. وقال بعضهم في قوله تعالى : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) أي يكّذب بيوم القيامة الذي سيأتي ، فهو أمامه ، والكاذب فاجر. فالمعنى يكذب بما أمامه من الحساب وغير ذلك ، وأنشد بعضهم قول بعض الأعراب (٣) : [من الوافر]
أقسم بالله أبو حفص عمر |
|
ما مسّها من نقب ولا دبر |
فاغفر اللهمّ إن كان فجر |
أي مال عن الحقّ. وسمّي تفجّر الأنهار بذلك لأنّ فيه ميلا عن أحد الجانبين إلى (٤) الآخر.
قوله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ)(٥) قرىء مخففا ومثقلا (٦). وقيل : فجّر بعضها إلى بعض حتى تذهب مياهها ، وقيل : تفجّر العذب في الملح فتختلطان ، وذلك هو خراب الدنيا وهلاك ما عليها من حيوان ونبات وشجر لعدم قوامهم لقوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ)(٧) وفي دعاء القنوت : «ونخلع ونترك من يفجرك» (٨) أي من يعصيك ويكذب بوعدك ووعيدك ، وقيل ؛ من يتباعد عنك. وقيل ؛ من يخالفك. وهي معان متقاربة.
وأيام الفجار : وقائع اشتدّت بين العرب ، وفي الحديث : «كنت يوم الفجار أنبّل على
__________________
(١) ٧ / المطففين : ٨٣.
(٢) ٤٢ / عبس : ٨٠.
(٣) اللسان ـ مادة فجر ، والنهاية : ٣ / ٤١٣.
(٤) في النسختين : عن ، والتصويب من النسخة د.
(٥) ٣ / الانفطار : ٨٢.
(٦) بالتخفيف قراءة الربيع بن خثيم الثوري ، وبتخفيف الفتح قراءة مجاهد (مختصر الشواذ : ١٧٠).
(٧) ٣٠ / الأنبياء :
(٨) النهاية : ٣ / ٤١٤ ، وفيه دعاء الوتر. القنوت : الخشوع والإقرار بالعبودية. والقنوت : الإمساك عن الكلام في الصلاة ، والدعاء (اللسان ـ قنت).