كثر منه البول ، وفي حديث آخر : «فركبت الفحل فتفاجّ» (١). وفي حديث آخر : «كان إذا بال تفاجّ» (٢) أي بالغ في تباعد ما بين رجليه تحرّزا من البول واستبراء منه. وقد أفجّ بين رجليه أي باعد بينهما وجعل بينهما فجاجا على الاستعارة.
قيل : والفجج : تباعد الركبتين ، وهو أفجّ من الفحج ـ بالحاء المهملة قبل الجيم ـ (٣) وجرح فجّ : لم ينضج بعد ، وفي الحديث : «إنّ هذا الفجفاج لا يدري ما الله» (٤) قيل : هو المهذار ، وروي البجباج بالموحدة ، وهو بمعنى الأول.
ف ج ر :
قوله تعالى : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ)(٥) أي أنه يسوّف بالتوبة ، والمعنى : يريد الحياة ليتعاطى الفجور فيها. وقيل : معناه يذنب ويقول : غدا أتوب ، ثم لا يفعل ؛ لبذله عهدا لا يفي به ، ومنه سمي الكاذب فاجرا لأنه (٦) بعض الفجور. وأصل الفجور شقّ ستر الديانة والحياء ، وذلك أنّ المادة تدلّ على شقّ الشيء وتوسعته ، ومنه الفجر لأنه يشقّ الليل شقا واسعا. والفجر فجران : كاذب وصادق ؛ فالأول كذنب السّرحان يظهر ثم يخبو. والثاني هو الذي يعترض في الأفق ثم يمضي متزايدا ضوؤه ، وهو الذي تناط به أحكام الصوم والصلاة وغير ذلك.
قوله تعالى : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً)(٧) أي شققناها شقوقا واسعة تنبع منها المياه ، ومنه قوله تعالى : (فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً)(٨). ويقال : فجرت الشيء مخففا ومثقلا ، وبهما قرىء قوله تعالى : (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً)(٩).
__________________
(١) النهاية : ٣ / ٤١٣. وهو لعبادة المزني.
(٢) المصدر السابق.
(٣) الفجج والفحج (بالجيم والحاء) واحد ، وانظر تفصيلهما في اللسان ـ مادة فجج وفحج.
(٤) النهاية : ٣ / ٤١٤ ، والحديث لعثمان. ويروى «أين الله».
(٥) ٥ / القيامة : ٧٥.
(٦) يعود الضمير على الكذب.
(٧) ١٢ / القمر : ٥٤.
(٨) ٩١ / الإسراء : ١٧.
(٩) ٩٠ / الإسراء : ١٧.