ف ر ي :
قوله تعالى : (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا)(١) أي عظيما ، وقيل : عجيبا ، وقيل : مصنوعا مختلفا ، ومعناها متقارب. وفي الحديث لما وصف عمر فقال : «لم أر عبقريا يفري فريّه» (٢). وأصل الفري قطع الجلد للخرز ، قال زهير بن أبي سلمى (٣) : [من الكامل]
ولأنت تفري ما خلقت وبع |
|
ض القوم يخلق ، ثمّ لا يفري |
والفري : الإصلاح ، والإفراء : الإفساد ، كأنّ الهمزة فيه للسلب ، وإذا أزيل الإصلاح صار فسادا. والافتراء : افتعال من الفري من الفري أو الإفراء ، وهو أقبح الكذب ، أو الكذب مع التعمّد عند من يرى أن الكذب مخالفة ما في الواقع مطلقا. ولذلك موضع حقّقناه فيه ولله الحمد ، وقد ذكرنا منه طرفا في هذا الكتاب عند كلامنا على الصدق والكذب.
ووقع الافتراء والمراد به الكذب والشرك والظلم ، كلّ ذلك بحسب المقامات الواردة في الكتاب.
وافترى الرجل : لبس الفراء. والفراء : جمع فروة ، وهذا يستعمل في التورية فيقال : افترى زيد : أي لبس الفروة. وقوله عليهالسلام في حقّ سفيان بن حرب : «أنت كما قيل : كلّ الصّيد في جوف الفرا» (٤) فالفراء مقصور مهموز ليس من هذه المادة وإن كان بعضهم يرويه «الفراء» بحرف المد وليس بصواب ، كذا قيل ، وفيه نظر من حيث إنه إذا وقف على مثل هذه الهمزة جاز قلبها ألفا ، فالنطق بذلك ليس خطأ إنما الخطأ اعتقاد كونه غير مهموز ، والله أعلم.
__________________
(١) ٢٧ / مريم : ١٩.
(٢) النهاية : ٣ / ٤٤٢ ، وهو من حديث الرؤيا. أي يعمل عمله ويقطع قطعه.
(٣) شعر زهير : ١١٩ ، من قصيدة في مدح هرم.
(٤) مجمع الأمثال : ٢ / ٣٠١١. ولقد تألّف النبي صلىاللهعليهوسلم أبا سفيان بهذا القول على الإسلام ، وذلك حين حجبه قليلا. وقال أبو العباس : معناه إذا حجبتك قنع كل محجوب. الفرا : الحمار الوحشي.