وقوله تعالى : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ)(١). قيل : الفزع : دخول النار والخلود فيها. وقيل : هو أن يؤتى بالموت على هيئة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار ، وأهلهما ينظرون إليه فيذبح ويقال : يا أهل الجنة خلود بلا موت ، ويا أهل النار خلود بلا موت ، فذلك هو الفزع الأكبر. اللهمّ أمّنّا كما أمّنت أولئك من هذا الفزع الأكبر بحرمة من أنزلت عليه كتابك الكريم.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ)(٢) أي كشف عن قلوبهم الفزع ، قال الفراء (٣) : المفزّع يكون شجاعا ويكون جبانا ؛ من جعله شجاعا مفعولا به قال : [من الكامل]
وبمثله تتنزّل الأفزاع
قال الهرويّ : ومنه قول عمرو بن معدي كرب وقد قال له بعضهم : «لأضرّطنّك» (٤) : «إنها لعزوم مفزّعة» أي صحيحة بها تنزل الأفزاع فتجلّيها ، ومن جعله جبانا أراد : يفزع من كلّ شيء. قال الفراء : هذا مثل قولهم : رجل مغلّب أي غالب ، ومغلّب أي مغلوب.
وفزع يفزع فزعا : إذا حلّ به الفزع. وفزع ـ أيضا ـ استغاث. وفزع : أغاث. وفي الحديث : «فزع أهل المدينة ليلا فركب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرسا معروريا لأبي طلحة» (٥) أي استغاثوا. ومن مجيء فزع بمعنى أغاث قول طلحة اليربوعيّ (٦) [من الطويل]
فقلت لكأس ألجميها فإنّما |
|
حللت الكثيب من زرود لأفزعا |
__________________
(١) ١٠٣ / الأنبياء : ٢١.
(٢) ٢٣ / سبأ : ٣٤.
(٣) معاني القرآن : ٢ / ٣٦١ ، والشاهد فيه.
(٤) قاله له الأشعث (النهاية : ٣ / ٤٤٤). وفي رواية اللسان بسكون الضاد ـ مادة فزع.
(٥) النهاية : ٣ / ٤٤٣ ، عدا كلمة «معروريا». وفرس معرور : لا سرج عليه ولا غيره. والكلمة مذكورة في اللسان ـ مادة عرا.
(٦) من شواهد اللسان ، وفيه : الكلحبة اليربوعي واسمه هبيرة بن عبد مناف ، والكلحبة أمه وفي رواية القاموس : حللنا .. لنفزعا.