والنسل وغيره. قوله تعالى بعد ذلك : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ)(١). نفى محبّته للفساد من الأصل وإن كان لو لا ذلك المعنى المقصود الإفساد هو المطابق لقوله أولا ليفسد فيها لأنه من أفسد.
ف س ر :
قوله تعالى : (إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً)(٢) أي كشفا وبيانا. والتّفسرة لغة : الكشف لما ينظر فيه الطبيب فينكشف له ذلك الداء. وقال الراغب : الفسر (٣) ؛ إظهار المعنى المعقول ، ومنه قيل لما ينبىء عنه القول : تفسرة ، وسمّي بها قارورة الماء.
وتفسير القرآن : بيان ألفاظه وبيان معانيه وأحكامه ، وتأويله : حمله على المعاني اللائقة ، ما ظاهره قد يفهمه من لم تثبت قدمه في العلم المتغاير ، وهل التفسير والتأويل الواردان في القرآن مترادفان أو متغايران؟ فقيل : التفسير : معرفة مدلولات الألفاظ وأسباب النزول والوقائع ، وأما التأويل فهو ردّ اللفظ إلى ما يليق به من المعنى ، ولذلك يجوز لمن تثبت قدمه في العلم أن يتكلم فيه باجتهاده ، ونظره هذا أحسن ما قيل في الفرق بينهما. وقال الهرويّ : قال أبو العباس : التأويل : التفسير والمعنى واحد. وقال غيره : التفسير : كشف المراد عن اللفظ المشكل ، والتأويل ردّ أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر. وقال الراغب : والتفسير قد يقال فيما يختصّ بمفردات الألفاظ وغريبها وفيما يختصّ بالتأويل ، ولذلك قيل : تفسير الرؤيا وتأويلها. قلت : التأويل تفعيل من آل يؤول ، أي رجع. فمعنى التأويل : الرجوع باللفظ عن ظاهره إلى معنى يستقيم به ذلك اللفظ ، ولذلك يقابل العلماء بينه وبين الظاهر فيقال : الظاهر والمؤول كتأويلنا قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ)(٤) على أن المراد النعمة والقدرة ، وكجمعنا بين قوله تعالى : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(٥) وبين قوله تعالى : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ)(٦) بأنّ يوم القيامة
__________________
(١) تتمة الآية السابقة.
(٢) ٣٣ / الفرقان : ٢٥.
(٣) كذا في المفردات (ص ٣٨٠) ، وفي الأصل : التفسير.
(٤) ٦٤ / المائدة : ٥.
(٥) ٩٢ / الحجر : ١٥.
(٦) ٣٩ / الرحمن : ٥٥.