أفلح بما شئت فقد يدرك بال |
|
ضّعف ، وقد يخدع الأريب |
قوله : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)(١) أي صاروا إلى البقاء ، وقيل : أصابوا نعيما يخلدون فيه. وقول المؤذن : «حيّ على الفلاح» أي هلمّوا إلى سبب البقاء ، ثمّ الفلاح بمعنى إدراك البغية على ضربين : دنيويّ وأخرويّ ؛ فالدّنيويّ : الظفر بالسعادات التي بها تطيب حياة الدنيا ، ومنه قول الشاعر :
أفلح بما شئت .... البيت
والأخرويّ أربعة أشياء : بقاء بلا فناء ، وغنى بلا فقر ، وعزّ بلا ذل ، وعلم بلا جهل ، وكذلك قال الصادق الصدوق صلىاللهعليهوسلم : «لا عيش إلا عيش الآخرة» (٢). وقوله : (قَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى)(٣) هو الفلاح الدنيويّ.
وسمي السّحور الفلاح إمّا لأنّ به بقاء البدن والحفظ من الضعف ، وإمّا لأنه يقال عنده «حيّ على الفلاح». وسمي وقت الصّبح فلاحا لذلك ، ومنه : «خفنا أن يدركنا الفلاح». وعندي : حتى يدركنا هذا القول لأنّه إنما يقال عادة عند الصبح فيكون هذا من الكنايات. وقيل : المعنى أن يدركنا السحور. والمعنى وقته ومعناه ما قدّمته. وفي حديث آخر : «حتى خفنا أن يفوتنا الفلاح» (٤) قال الراغب : أي الظفر الذي جعل لنا بصلاة العتمة.
ف ل ق :
قوله تعالى : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ)(٥) أي انشقّ. والفلق : انشقاق الشيء وبينونة بعضه من بعض. وقوله : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)(٦) الفلق : الصبح ، والمعنى بربّ الصبح ، وذلك لانفلاق الظلام عنه. وقيل : الفلق : الأنهار لأنها مفلوقة في
__________________
(١) ١ / المؤمنون : ٢٣.
(٢) صحيح البخاري ، الرقاق : ١ ، الجهاد : ٣٣.
(٣) ٦٤ / طه : ٢٠.
(٤) النهاية : ٣ / ٤٦٩ ، وفيه «حتى خشينا». ورواية المفردات مناسبة للنص (ص ٣٨٥).
(٥) ٦٣ / الشعراء : ٢٦.
(٦) ١ / الفلق : ١١٣.