محاويجهم (١) نفعله. وقيل : عنى بذلك العزل في الوطء ، ولذلك سمّاه النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «الوأد الخفيّ» (٢). ولذلك اختلف في جوازه في الحرّة إلا بإذنها. وقيل : معناه النّهي عن منع تعليم الأولاد العلم ، واشتغالهم بالحرف الملهية عن العلم خشية الفقر ؛ فإنّ الجاهل ميت وإن كان حيّا ، ويؤيده قوله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ)(٣) الآية ، وإليه نظر من قال : [من البسيط]
وعاش قوم وهم في الناس أموات
وقد وصفهم بذلك حيث قال تعالى : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)(٤).
قوله تعالى : (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)(٥) ذكر القتل دون الذّبح والزكاة وغيرهما ، وهو أعمّها ، وفيه تنبيه على أن تفويت روحه على جميع الوجوه محظور.
وأقتلته : عرّضته للقتل ، نحو أبعثته. واقتتله العشق والجنّ ، ولا يقال في غيرهما.
والاقتتال كالمقاتلة ، كقوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا)(٦).
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ)(٧) أي يسألونك عن القتال في الشهر الحرام ، وإنّما أبرزه في هذا التركيب لما يروع السامع من فظاعة الكلام ، ورونق هذا الأسلوب فأتى بالظرف مسؤولا عنه وأبدل منه حدثه الواقع فيه ، وفيه مما ذكرت لك ما لم يكن في غيره ، فجلّ من أنزله على أفصح أسلوب وأبلغ نظم.
ويعبّر بالقتال عن المدافعة ، ومنه حديث المارّ بين يدي المصلّي «فليقاتله» (٨) أي
__________________
(١) بياض في ح وس ، مذكورة في د.
(٢) النهاية : ٥ / ١٤٣.
(٣) ١٢٢ / الأنعام : ٦.
(٤) ٢١ / النحل : ١٦.
(٥) ٩٥ / المائدة : ٥.
(٦) ٩ / الحجرات : ٤٩.
(٧) ٢١٧ / البقرة : ٢.
(٨) النهاية : ٤ / ١٣ ، وتمامه : «قاتله فإنه شيطان».