ق د س :
قوله تعالى : (وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ)(١) هو جبريل. والقدس : الطهارة ـ ويضمّ داله ويسكن ـ وذلك لأنه خلق من طهارة محضة ملك نورانيّ. وقيل : سمي بذلك من حيث إنه ينزل من الله تعالى بالقدس أي بما يطهّر به نفوس عباده من القرآن والحكمة والفيض الإلهيّ.
قوله : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)(٢) أي نصفك بالقدس وهو التّطهير والتّنزيه ممّا لا يليق بجلاله وصفاته ، عكس ما فعله جهلة بني آدم حسبما وصفوه به من اتّخاذ الولد والزوجة والحلول والاتحاد والجسم والتّحيّز تعالى الله عمّا يقول الظالمون علوا كبيرا. وقيل : المعنى نصفك بالقدس حيث يقولون : سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والروح. وقيل : نطهّر لك الأشياء ارتساما لك (٣). والتقديس : التطهير الإلهيّ المذكور في قوله : (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(٤) دون التطهير الذي هو إزالة النجاسة. وقيل : معناه : نطهر أنفسنا لك مما يخالفك.
قوله : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ)(٥) المطهرة. ومنه : بيت المقدس لأنه يتطهّر فيه من الذنوب. ومنه قيل للسّطل قدس لأنّه يتطهّر منه ويتوضأ.
قوله : (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ)(٦) أي البليغ في الطهارة والتطهير. وجاء في التفسير : القدّوس : المبارك ، ويقال بفتح القاف (٧). وفي الحديث : «لا قدّست أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويّها» (٨) أي لا طهّرت. وقال الشاعر : [من البسيط]
__________________
(١) ٨٧ / البقرة : ٢ ، وغيرها.
(٢) ٣٠ / البقرة : ٢.
(٣) كذا قرأناها ، وفي الأصل : أن تساما.
(٤) ٣٣ / الأحزاب : ٣٣.
(٥) ٢١ / المائدة : ٥.
(٦) ٢٣ / الحشر : ٥٩.
(٧) فعّول من أبنية المبالغة ، وقد تفتح القاف وليس بالكثير ، من القدس. ويميل سيبويه إلى الفتح بينما اللحياني إلى الضم. والقاعدة أن كل اسم على «فعّول» فهو مفتوح الأول مثل : سفود وتنور ... إلا السّبوح والقدوس فإن الضم فيهما أكثر (اللسان ـ مادة قدس. النهاية : ٤ / ٢٣).
(٨) النهاية : ٤ / ٢٤.