ق ف و :
قوله تعالى : (وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ)(١) أي أتبعناهم ، وأصله من القفا لأنّ المتّبع للشخص غالبا يصير خلفه وتابعا لقفاه ، يقال : قفوته واقتفيته ، وقفّيته أقفوه : إذا تتبّعته وتبعت أثره. فقفّيته مقلوب من قفوته ، وبه سميت القافة لتتبّعها الآثار والأشباه. وعلوم العرب ثلاثة : القيافة والعيافة والسّيافة ؛ فالقيافة : إلحاق الولد بأبيه لشبه يظهر لهم. والعيافة : نوع من الكهانة والتّنجيم. والسّيافة : شمّ التراب (٢) ، وذلك أنّ / الرجل إذا تاه في برّيّة شمّ ترابها فعرف أين هو من الأرض.
وقافية كلّ شيء وقفاه : آخره ، ومنه القافية الشعرية ، واختلفوا ، وهو مبيّن في غير هذا. وتطلق القافية على البيت بل على القصيدة كلّها ، ومنه قول الخنساء (٣) : [من المتقارب]
وقافية مثل حدّ السّنا |
|
ن تبقى ويذهب من قالها |
وفي الحديث : «يعقد الشيطان على قافية أحدكم ثلاث عقد» (٤) القافية بمعنى القفا. ومن أسمائه عليه الصلاة والسّلام : المقفيّ ؛ قيل : هو بمعنى العاقب وهو بمعنى الآخر.
والاقتفاء : اتّباع الأقفاء ، كما أنّ الارتداف اتباع الرّدف ، ويكنّى بذلك عن الاعتبار وتتبّع المعايب.
قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ).(٥) قيل : لا تتّبع ما ليس لك به علم فتقول فيه بغير علم. وقيل : معناه : لا تحكم بالقيافة والظنّ.
والقفاوة : الطعام الذي يتفقّد به من (يعنى به) (٦) فيتّبع.
__________________
(١) ٤٦ / المائدة : ٥.
(٢) ساف : شمّ. وكان الدليل إذا ضلّ في فلاة أخذ التراب فشمّه فعلم أنه على هدية. ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى سموا البعد مسافة ، ومنها الحرف سوف (اللسان ـ مادة سوف).
(٣) الديوان : ١١٥ ، وفيه : ويهلك من قالها.
(٤) النهاية : ٤ / ٩٤.
(٥) ٣٦ / الإسراء : ١٧.
(٦) بياض ما بين قوسين في ح وس ، والإضافة من د.