عواقبها ، ومنه قوله تعالى : (وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ)(١) أي دبّروها وبيّتوها حتى جاء نصر الله فلم يضرّك ذلك. وتقليب الله القلوب عبارة عن صرفها من رأي إلى آخر ، وكذا تقليبه تعالى البصائر ، وإليه أشار بقوله : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ)(٢) أي نحيّرهم وندعهم في عمى ، عقوبة لهم. لا يسأل عمّا يفعل ولكن نسأله الهداية للدّين القويم.
قوله (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ)(٣) عبارة عن النّدم والتحسّر على ما فات حيث لا ينفع ذلك. وقد كثر هذا الاستعمال فقالوا : فلان يقلّب يديه ويخطّ في الأرض ويعضّ بنانه ، وذلك ذكر لصورة حال النادم ، وهذا أبلغ من قولهم : فأصبح نادما ، وإليه نحا الشاعر حيث قال (٤) : [من الوافر]
كمغبون يعضّ على يديه |
|
تبيّن غبنه عند البياع |
والتقلّب : التصرّف في البيع والشراء وإصلاح حال الإنسان ، ومنه قوله تعالى : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ)(٥). وقال تعالى : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ)(٦) أي في حالة هم أبعد شيء من ظنّهم الهلكة بل أقوياء أصحاء يتبايعون ويتشارون فيأخذهم بغتة. فنسأل الله اليقظة لما بين أيدينا.
والقلّب : الكثير التّقلّب ، كالحوّل لكثير التحوّل.
والقلاب : داء يصيب القلب. وما به قلبة : أي علّة يقلّب لأجلها. والقليب : البئر التي لم تطو. والقلب : المقلوب من الأسورة.
__________________
(١) ٤٨ / التوبة : ٩.
(٢) ١١٠ / الأنعام : ٦.
(٣) ٤٢ / الكهف : ١٨.
(٤) البيت لقيس بن ذريح (الديوان : ١١٨ ، اللسان ـ مادة بيع). وفي الديوان والمفردات : بعد البياع.
(٥) ١٩٦ / آل عمران : ٣.
(٦) ٤٦ / النحل : ١٦.