ويعرب : يقال إنه أول من نقل السريانية إلى العربية. ومن قيل إنه سمي باسم فعله. قوله : (وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)(١) اللسان هنا : اللغة ، ووصفه بالإبانة بعد نسبته إلى العرب تنبيه على أنّ صاحبه يتكلم بالعربية. يقال : عرب اللسان يعرب عروبا وعروبيّة. وفي الحديث : «الأيّم يعرب عنها لسانها» (٢) أي يبين ، إلا أن أبا عبيد قال : الصواب يعرّب ؛ بالتشديد. قال الفراء : يقال : عرّبت عن القوم : إذا تكلمت عنهم ، ومنه الحديث الآخر : «فإنما كان يعرب عمّا في قلبه ولسانه» (٣). وقد ردّ ابن قتيبة على أبي عبيد وقال : الصواب التخفيف لأنه يقال : اللسان يعرب عمّا في الضمير (٤). قال أبو بكر : لا حجّة لابن قتيبة على أبي عبيد لأنه حكاه عن الفراء عن العرب. والذي قاله ابن قتيبة إنما عمله برأيه عملا ، واللغة تروى ولا تعمل ولا سمعنا أحدا يقول : التّعريب باطل كما قال ، لأنّه لا اختلاف بين اللغويين في أنه يقال : أعربت الحرف وعرّبت الحرف. فالفراء يذهب إلى أنّ عرّبت أجود من أعربت مع عن ، فإذا لم تكن عن فأعربت وعرّبت لغتان متساويتان لا تقدّم إحداهما على الأخرى.
قلت : وهذا هو المشهور ، وهو أنّ اللغة سماع لا قياس ، وإنما حكيت هذا الكلام برمّته لإفادته لا سيما عن فحول الصناعة. وقال ابن الأعرابيّ : أعرب الصبيّ والعجميّ : إذا فهم كلامهما بالعربية. وعربا : إذا لم يلحنا. وقال عمر رضي الله عنه : «ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرّق أعراض الناس ألا تعرّبونه؟» (٥) أي تمنعونه. وقيل : فقبّحوا فعله عليه. وفي الحديث : «لا تحلّ العرابة للمحرم» (٦) قيل : هي الفحش. وفي الحديث : «نهى عن بيع العربان» (٧) هو أن يدفع المستام شيئا فإذا مضى البيع حسب من الثمن ، وإن لم يمضه كان للبائع.
ويقال : عربون وعربون وأربون ـ بالعين والهمز ـ ومنه الحديث : «فأعربوا فيها مئة
__________________
(١) ١٠٣ / النحل : ١٦.
(٢) أنظر الحاشية قبل صفحة.
(٣) النهاية : ٣ / ٢٠١.
(٤) الرأيان في النهاية.
(٥) النهاية : ٣ / ٢٠١ ، وفيه : «تعرّبون عليه».
(٦) النهاية : ٣ / ٢٠١ ، وهو حديث ابن الزبير.
(٧) النهاية : ٣ / ٢٠٢ ، والعربان : السلفة من العربون.