ومنها التغيير ؛ ومنه : أعربها الله ، أي غيّرها (١). ومنها التحسين ؛ ومنه : (عُرُباً أَتْراباً)(٢) أي حسان (٣) متحببات إلى أزواجهن. ومنها الفساد ؛ ومنه عربت معدة البعير أي فسدت. فالهمزة في الإعراب حينئذ للسّلب. فقولهم : أعرب كلامه ، أي بيّنه أو غيّره أو حسّنه أو أزال فساده. وللنّحاة عبارات بيّناها في غير هذا. قوله : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)(٤) أي بيّنا فلا يلزم أن يكون كلّه بلغة العرب. بل يجوز أن يكون غير عربيّ إذا كان متفاهما معروفا بين المخاطب به كاليمّ قيل : البحر بلغة الحبشة ، والقسطاس : الميزان بلغة الروم ، والمشكاة : الكّوة بلغة الهند ، إلى غير ذلك. ومن الناس من أباه وتحاشى ذلك لقوله : (ءَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ)(٥) وقد بينّا القولين ودلائلهما في غير هذا الموضوع من «القول الوجيز» و «البحر الزاخر» وغيرهما.
قوله : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا)(٦) قيل : معناه شريفا كريما ، كقوله : (عُرُباً أَتْراباً) ووصفه بذلك كوصفه بكريم (٧). وقيل : معناه مفصحا يحقّ الحقّ ويبطل الباطل ، وقيل : معرّبا (٨) من قوله عليه الصلاة والسّلام : «عرّبوا على الإمام» ؛ يقال : عرّبت عليه : إذا رددت عليه من حيث الإعراب ، قاله الراغب (٩) ومعناه على هذا أنه ناسخ لغيره من الأحكام. وقيل : لكونه منسوبا إلى النبيّ العربيّ من حيث إنه منزل على قلبه وبلسانه. قوله : (عُرُباً) أي متحببات لبعولتهن حسان في أعينهنّ. وقيل : لأنها لا تعرب بحالها عن عفّتها ومحبة زوجها ؛ الواحدة عروب. والمعرب : المتحرّي في كلامه الصواب ، والمبيّن عمّا في نفسه ، وصاحب الفرس العربيّ كالمجرب لصاحب الجرب.
__________________
(١) لم يرد هذا المعنى في اللسان.
(٢) ٣٧ / الواقعة : ٥٦.
(٣) وفي الأصل : حسناء وهو وهم.
(٤) ٣ / الزخرف : ٤٣.
(٥) ٤٤ / فصلت : ٤١.
(٦) ٣٧ / الرعد : ١٣.
(٧) في قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (٧٧ / الواقعة : ٥٦).
(٨) وفي الأصل : معبرا.
(٩) المفردات : ٣٢٩.