الماء. وقوله تعالى : (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ)(١)(رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ)(٢) ونحو ذلك. قيل : هو على حقيقته من وجود عرش كالسماوات. وقيل : هو إشارة إلى مملكته وسلطانه لا إلى مقرّ له ، تعالى عن ذلك. ومن ذلك قولهم : ثلّ عرش فلان : إذا ذهب عنه. وروي [أنّ] عمر رضي الله عنه «[رئي] في المنام فقيل : ما فعل الله بك؟ فقال : لو لا أن يتداركني برحمته لثلّ عرشي» (٣). قوله : (وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ)(٤) إشارة إلى قوة ملكها وعزّ سلطانها وكبر سريرها وعظمته واستعظام الهدهد لذلك غير بدع منه ؛ فهو حكاية عنه لا أنه تعالى استعظمه ، وحيث ورد عنه تعالى استعظام شيء فإنّما ذلك بالنسبة إلى استعظام خلقه كقوله (عَذابٌ عَظِيمٌ)(٥) ونحوه.
قوله : (وَما كانُوا يَعْرِشُونَ)(٦) أي لكرومهم. وقيل : يثبتون. يقال : عرش يعرش ويعرش ، وقد قرىء بهما ، أي عرش العروش من أيّ نوع كان ومن أي زرع كان. وقيل : يبنون العريش. قوله : (خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها)(٧) أي ساقطة على سقوفها ، سقطت السقوف ثم وقعت عليها الحيطان ، يشير إلى خرابها علوا وسفلا. ولا ترى أوجز لفظا ولا أرمز على المعنى بأحسن من لفظ القرآن. وفي الحديث : «لمّا مات سعد اهتزّ له عرش الرحمن» (٨) قيل : هو الجنازة ، واهتزازه فرحه به (٩) ، وإضافته إلى الرحمن من باب التكريم والبشارة. وقيل : كناية عن قبول أهل العرش ـ وهم الملائكة ـ ولا مانع من أن يحمل على حقيقته تكرمة كما قيل في قوله تعالى : (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ)(١٠) وإنّ الله يجعل فيها قوة البكاء. كلّ هذا لا محال فيه عقلا ولا شرعا. وعن بعضهم : «تمتّعنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) ١٥ / البروج : ٨٥.
(٢) ١٥ / غافر : ٤٠.
(٣) النهاية : ١ / ٢٢٠ ، مع اختلاف في الرواية ، والإضافة من النهاية.
(٤) ٢٣ / النمل : ٢٧.
(٥) ٤١ / المائدة : ٥ ، وغيرها.
(٦) ١٣٧ / الأعراف : ٧.
(٧) ٢٥٩ / البقرة : ٢.
(٨) النهاية : ٣ / ٢٠٧ ، مع اختلاف.
(٩) الضمير المذكر عائد على سرير الميت الذي هو الجنازة.
(١٠) ٢٩ / الدخان : ٤٤.