النهار؟ و [قد] قيل : [يعني](١) بعرضها سعتها لا من حيث المساحة لكن من حيث المسرّة ، كما يقال في ضدّه : الدنيا على فلان حلقة خاتم وكفّة حابل. وسعة هذه الدار كسعة الدنيا. وقيل : العرض ها هنا من العرض على البيع كقولهم : بيع كذا بعرض : إذا بيع بسلعة فمعناه عرضها أي بدلها وعوضها كقولك : عرض هذا الثوب كذا وكذا. والعرض ـ بالتحريك ـ ضدّ الجوهر ، وهو ما لا يكون له ثبات ولا استقرار. ومنه استعار أهل الكلام العرض لما لا يقوم بنفسه بل بجوهر كاللون. وقولهم : الدنيا عرض حاضر ، أي لا ثبات لها. ومنه قوله تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا)(٢) وقوله : (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً)(٣) أي مطلبا سهلا.
والتّعريض : ما احتمل من الكلام وجهين فصاعدا وهو الذي تسمّيه الأدباء الكلام الموجّه. وفي الحديث : «إنّ في التعاريض مندوحة عن الكذب» (٤). والتّعريض : ضدّ التّصريح. ومنه قوله تعالى : (فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ)(٥) هو أن يقول : أنت جميلة وربّ راغب فيك وإذا حللت فآذنيني ، ونحو ذلك. والتصريح أن تقول : أريد أن أتزوجك ، ونحو ذلك. قوله تعالى : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ)(٦) أي أتى بهم لهم وأعتدهم ووقفهم عليهم ، من قولك : عرض الأمير الجند ليتعرّفهم بخلاقهم وأسمائهم. والعارض : البادي عرضه ؛ فتارة تختصّ بالسحاب كقوله تعالى : (هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا)(٧) أي سحاب قد عرض في الأفق. قال الشاعر (٨) : [من المنسرح]
يا من رأى عارضا أكفكفه |
|
بين ذراعي وجبهة الأسد |
__________________
(١) الإضافة من (م) ، وهي مناسبة.
(٢) ٦٧ / الأنفال : ٨.
(٣) ٤٢ / التوبة : ٩.
(٤) النهاية : ٣ / ٢١٢.
(٥) ٢٣٥ / البقرة : ٢.
(٦) ٣١ / البقرة : ٢.
(٧) ٢٤ / الأحقاف : ٤٦.
(٨) البيت من شواهد النحويين على الإضافة مع وجود فاصل للضرورة. ونوء الذراع ونوء الجبهة وهما من أنواء الأسد. والبيت للفرزدق (الديوان : ٢١٦. الكتاب : ١ / ٨٠. شرح المفصل : ٣ / ٢١).