الْأَدْنى)(١) أي الرّشا في الأحكام. قوله : (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ)(٢) أي لتعفوا وتصفحوا ، أي لأنّ في العفو إعراضا عن الجاني. وقيل : اللام متعلقة بالحلف على معنى أنّهم حلفوا لأجل إعراضكم عنهم ؛ فعلوا ذلك لمّا رأوكم أعرضتم. وعبّر الهرويّ عن هذا المعنى حكاية عن أبي العباس قال : قال أبو العباس : أي لإعراضكم عنهم ، وليست لام كي لكنهم حلفوا لإعراض المسلمين عنهم. قلت : وهذه لام كي على التقديرين المذكورين ، وهي متعلقة بالفعل على التقديرين أيضا ، فكيف يقال : وليست لام كي؟.
وفي الحديث : «كلّ المسلم على المسلم حرام ؛ ماله وعرضه ودمه» (٣) قال المبرد : العرض من الإنسان موضع المدح والذمّ ، وذلك أن يذكر أمورا يرتفع بها الإنسان أو يسقط. وقيل : عرضه هم أسلافه الذين يشرف بهم أو موضع منه. وقيل : العرض : نفس الرجل ، واستدلّ بحديثه عليه الصلاة والسّلام في صفة أهل الجنة : «لا يبولون ولا يتغوّطون إنّما هو عرق يخرج من أعراضهم» (٤) أي من ذواتهم. قلت وقول حسان رضي الله عنه (٥) : [من الوافر]
فإنّ أبي ووالده وعرضي |
|
لعرض محمد منكم وقاء |
يحتمل الأمرين إلا أنّ الظاهر منه العرض المتعارف. واستدلّ أيضا بحديث أبي ضمضم : «اللهمّ إني تصدّقت بعرضي على عبادك» (٦). ووجه الدليل أنّه لو كان العرض الأسلاف لما جاز أن يحلّهم لغيره لأنّ ذلك إليهم لا إليه. والذاهب إلى ذلك والمستدلّ عليه
__________________
(١) ١٦٩ / الأعراف : ٧.
(٢) ٩٥ / التوبة : ٩.
(٣) النهاية : ٣ / ٢٠٨.
(٤) النهاية : ٣ / ٢٠٩.
(٥) الديوان : ١ / ١٨ ، ومذكور في النهاية.
(٦) النهاية : ٣ / ٢٠٩.