هو ابن قتيبة (١). قال أبو بكر : وما ذهب إليه واضح الخطأ ألا ترى قول مسكين الدارميّ (٢) : [من الرمل]
ربّ مهزول سمين عرضه |
|
وسمين الجسم مهزول الحسب |
قال : فلو كان العرض البدن والجسم على ما ادّعى لم يكن مسكينا ليقول : «ربّ مهزول سمين عرضه» إذ كان مستحيلا للقائل أن يقول : «ربّ مهزول سمين جسمه» لمناقضة ذلك. وإنما أراد : «ربّ مهزول جسمه كريمة أفعاله». وتأوّل الحديث بأنّ الأعراض : المغابن التي يخرج منها العرق ، وهذا عندي قريب من قول ابن قتيبة فكيف يكون ردّا عليه؟ واستدلّ أبو بكر بقوله : دم المسلم وماله وعرضه. قال : لو كان العرض البدن لكان قوله دمه كافيا لأنّ الدم يعبّر به عن النفس. ويدلّ عليه قول عمر للحطيئة : «اندفعت بأعراض المسلمين» (٣) معناه بأفعالهم وأفعال أسلافهم. قال الشاعر وهو طرفة (٤) : [من الطويل]
وقال الحكم بن عبدل الأسديّ (٥) : [من الطويل]
وأدرك ميسور الغنى ومعي عرضي
أي أفعالي الجميلة التي تقتضي مدحي وعدم مذمّتي. وقوله عليه الصلاة والسّلام : «ليّ الواجد يحلّ عقوبته وعرضه» (٦) أي يجوز لربّ الدّين أن يصفه بسوء القضاء بالنسبة إلى نفسه لا إلى أسلافه. وفي كتابه عليه الصلاة والسّلام لأقيال شنوءة (٧) : «وما كان لهم من
__________________
(١) بقوله : عرض الرجل : نفسه وبدنه لا غير (النهاية واللسان ـ مادة عرض).
(٢) اللسان ـ مادة عرض).
(٣) النهاية : ٣ / ٢٠٩.
(٤) كذا في س وم ، وفي ح : عرفطة. ولم يذكر المؤلف البيت ، ويدل سياق شرح اللسان أن البيت هو (ولم يعزه) :
ولكنّ أعراض الكرام مصونة |
|
إذا كان أعراض اللئام تفرفر |
(٥) الشطر مذكور في اللسان ـ مادة عرض.
(٦) النهاية : ٣ / ٢٠٩.
(٧) كذا في الأصل وعند الهروي ، وفي النهاية (٣ / ٢١٤) : شبوة.