مرة أخرى ، كأنه أخذ التكرير من بنية فعّل. وفي التفسير : تنصروه بالسيف. وقال ابن عرفة : ولذلك سمي الضرب دون الحدّ تعزيرا لأنه منع للجاني أن يعاود. وقال الراغب (١) : التّعزير : النّصرة مع التعظيم. والتعزير دون الحدّ ، ولذلك يرجع إلى الأول ؛ فإن ذلك تأديب. والتأديب : نصرة بقهر ما ، لكن الأول نصرة بقمع العدوّ عنه. والثاني نصرة بقهر عن عدوّ ، فإنّ أفعال الشرّ عدوّ للإنسان فمتى قمعته عنها نصرته. ومن ثمّ قال عليه الصلاة والسّلام : «انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قال : أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ قال : تكفّه عن الظّلم» (٢). ويقال : عزرته مخففا أيضا. وأنشد للقطامي (٣) : [من الطويل]
ألا بكرت سلمى بغير سفاهة |
|
تعنّفني والمرء ينفعه العزر |
فالعزر مصدر عزرت مخففا ، كما أنّ التّعزير مصدر عزّرت ، مثقّلا. وقال بعضهم : التعزير في كلام العرب : التوقيف على الفرائض والأحكام. قال الهرويّ : وفي حديث سعد : «أصبحت بنو أسد تعزّرني على الإسلام» (٤) أي توقّفني عليه.
وعزير : اسم نبيّ ، قيل : أصله عزر فصغّر ترخيما ، وقرىء منونا وغير منون. ولنا فيه كلام أتقنّاه في قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ)(٥).
ع ز ز :
قوله تعالى : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٦) العزيز : الغالب الممتنع على من يريده بالقهر والغلبة ، والباري تعالى أغلب الغالبين. قال تعالى : (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ)(٧). فقوله تعالى : (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ)(٨) أي غلبني : وقيل : صار أعزّمني في المخاطبة
__________________
(١) المفردات : ٣٣٣.
(٢) صحيح البخاري ، المظالم : ٤.
(٣) الديوان : ١٢٤ ، مطلع للقصيدة. وفيه :
ألا بكرت ميّ بغير سفاهة |
|
تعاتب والمودود ينفعه العزر |
(٤) النهاية : ٣ / ٢٢٨ ، أي توبّخني.
(٥) ٣٠ / التوبة : ٩.
(٦) ٢٢٨ / البقرة : ٢ ، وغيرها.
(٧) ٢١ / يوسف : ١٢.
(٨) ٢٣ / ص : ٣٨.