(تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) (١٤)
١١ ـ (تُؤْمِنُونَ) استئناف كأنهم قالوا : كيف نعمل؟ فقال : تؤمنون ، وهو بمعنى آمنوا عند سيبويه ، ولهذا أجيب بقوله يغفر لكم ، ويدلّ عليه قراءة ابن مسعود آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا ، وإنما جيء به على لفظ الخبر للإيذان بوجوب الامتثال ، وكأنه امتثل ، فهو يخبر عن إيمان وجهاد موجودين (بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ) أي ما ذكر من الإيمان والجهاد (خَيْرٌ لَكُمْ) من أموالكم وأنفسكم (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنه خير لكم ، كان خيرا لكم حينئذ ، لأنكم إذا علمتم ذلك واعتقدتموه أحببتم الإيمان والجهاد فوق ما تحبون أموالكم وأنفسكم ، فتخلصون وتفلحون (١).
١٢ ـ (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) أي إقامة وخلود ، يقال عدن بالمكان إذا أقام به ، كذا قيل (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
١٣ ـ (وَأُخْرى تُحِبُّونَها) ولكم إلى هذه النعمة المذكورة من المغفرة والثواب في الآجلة نعمة أخرى عاجلة محبوبة إليكم ، ثم فسرها بقوله (نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) أي عاجل وهو فتح مكة والنصر على قريش ، أو فتح فارس والروم ، وفي تحبونها شيء من التوبيخ على محبة العاجل ، وقال صاحب الكشف (٢) : معناه هل أدلكم على تجارة تنجيكم وعلى تجارة أخرى تحبونها ، ثم قال نصر أي هي نصر (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) عطف على تؤمنون ، لأنه في معنى الأمر ، كأنه قيل آمنوا وجاهدوا يثبكم الله وينصركم ، وبشّر يا رسول الله المؤمنين بذلك ، وقيل هو عطف على قل مرادا قبل يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم.
١٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ) أي أنصار دينه ، أنصارا لله حجازي
__________________
(١) في (ظ) و (ز) فتفلحون وتخلصون.
(٢) صاحب الكشف : أحمد بن إبراهيم الثعلبي وكتابه «الكشف والبيان في تفسير القرآن».