(وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا (٩) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (١٠) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا) (١٢)
المسّ فاستعير للطلب لأنّ الماسّ طالب متعرّف (فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً) جمعا أقوياء من الملائكة يحرسون ، جمع حارس ، ونصب على التمييز ، وقيل الحرس اسم مفرد في معنى الحرّاس كالخدم في معنى الخدّام ولذا وصف بشديد ، ولو نظر إلى معناه لقيل شدادا (وَشُهُباً) جمع شهاب أي كواكب مضيئة.
٩ ـ (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها) من السماء قبل هذا (مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ) لاستماع أخبار السماء ، يعني كنا نجد بعض السماء خالية من الحرس والشّهب قبل المبعث (فَمَنْ يَسْتَمِعِ) يريد الاستماع (الْآنَ) بعد المبعث (يَجِدْ لَهُ) لنفسه (شِهاباً رَصَداً) صفة لشهابا بمعنى الراصد أي يجد شيئا (١) شهابا راصدا له ولأجله ، أو هو اسم جمع للراصد على معنى ذوي شهاب راصدين بالرّجم ، وهم الملائكة الذين يرجمونهم بالشهب ويمنعونهم من الاستماع ، والجمهور على أنّ ذلك لم يكن قبل مبعث محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقيل كان الرجم في الجاهلية ولكن الشياطين كانت تسترق السمع في بعض الأوقات ، فمنعوا من الاستراق أصلا بعد مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم.
١٠ ـ (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ) عذاب (أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ) بعدم استراق السمع (أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) خيرا ورحمة.
١١ ـ (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ) الأبرار المتقون (وَمِنَّا) قوم (دُونَ ذلِكَ) فحذف الموصوف وهم المقتصدون في الصلاح غير الكاملين فيه ، أو أرادوا الطالحين (٢) (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) بيان للقسمة المذكورة أي كنا ذوي مذاهب متفرقة أو أديان مختلفة ، والقدد جمع قدة وهي القطعة ، من قددت السّير (٣) أي قطعته.
١٢ ـ (وَأَنَّا ظَنَنَّا) أيقنا (أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ) لن نفوته (فِي الْأَرْضِ) حال أي لن نعجزه كائنين في الأرض أينما كنا فيها (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) مصدر في موضع الحال ،
__________________
(١) ليس في (ظ) و (ز) شيئا.
(٢) في (ظ) و (ز) غير الصالحين.
(٣) السير : شريط الحذاء.