(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (١٩) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (٢٠) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (٢١) قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٢) إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) (٢٣)
١٨ ـ (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) من جملة الموحى ، أي أوحي إليّ أنّ المساجد أي البيوت المبنية للصلاة فيها لله ، وقيل معناه ولأنّ المساجد لله فلا تدعوا ، على أنّ اللام متعلقة بلا تدعوا أي (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) في المساجد لأنها خالصة لله ولعبادته ، وقيل المساجد أعضاء السجود وهي الجبهة واليدان والركبتان والقدمان.
١٩ ـ (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ) محمد عليهالسلام إلى الصلاة ، وتقديره وأوحي إليّ أنه لما قام عبد الله (يَدْعُوهُ) يعبده ويقرأ القرآن ولم يقل نبيّ الله أو رسول الله لأنه من أحبّ الأسماء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولأنه لمّا كان واقعا في كلامه صلىاللهعليهوسلم عن نفسه جيء به على ما يقتضيه التواضع ، أو لأن عبادة عبد الله لله ليست بمستبعد حتى يكونوا عليه لبدا (كادُوا) كاد الجن (يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) جماعات ، جمع لبدة تعجبا مما رأوا من عبادته واقتداء أصحابه به ، وإعجابا بما تلاه من القرآن لأنهم رأوا ما لم يروا مثله.
٢٠ ـ (قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي) وحده ، قال غير عاصم وحمزة (وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) في العبادة فلم تتعجبون وتزدحمون عليّ.
٢١ ـ ٢٣ ـ (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا) مضرة (وَلا رَشَداً) نفعا ، أو أراد بالضّر الغيّ بدليل قراءة أبيّ غيّا ولا رشدا ، يعني لا أستطيع أن أضرّكم وأن أنفعكم لأنّ الضار والنافع هو الله (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ) لن يدفع عني عذابه أحد إن عصيته كقول صالح عليهالسلام : (فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) (١) (وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) ملتجأ (إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ) استثناء من لا أملك أي لا أملك لكم ضرّا ولا رشدا إلّا بلاغا من الله ، وقل إني لن يجيرني اعتراض لتأكيد نفي الاستطاعة عن نفسه وبيان عجزه ، وقيل بلاغا بدل من ملتحدا أي لن أجد من دونه منجى إلّا أن أبلّغ عنه ما أرسلني به ، يعني لا ينجيني إلّا أن أبلّغ عن الله ما أرسلت به ، فإنّ ذلك ينجيني ، وقال الفرّاء : هذا شرط وجزاء وليس باستثناء وإن منفصلة من لا وتقديره أن لا أبلّغ
__________________
(١) هود ، ١١ / ٦٣.