(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ١١ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣) وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا) (١٧)
١١ ـ ١٤ ـ (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ) أي كله إليّ ، يعني الوليد بن المغيرة وكان يلقب في قومه بالوحيد ، ومن خلقت معطوف أو مفعول معه (وَحِيداً) حال من الياء في ذرني أي ذرني وحدي معه فإني أكفيك أمره ، أو من التاء في خلقت أي خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد ، أو من الهاء المحذوفة ، أو من من أي خلقته منفردا بلا أهل ولا مال ثم أنعمت عليه (وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً) مبسوطا كثيرا ، أو ممدّا (١) بالنماء ، وكان له الزرع والضرع والتجارة ، وعن مجاهد : كان له مائة ألف دينار ، وعنه : أنّ له أرضا بالطائف لا ينقطع ثمارها (٢) (وَبَنِينَ شُهُوداً) حضورا معه بمكة لغناهم عن السفر ، وكانوا عشرة أسلم منهم خالد وهشام (٣) وعمارة (٤) (وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً) وبسطت له الجاه والرياسة فأتممت عليه نعمتي الجاه والمال ، واجتماعهما هو الكمال عند أهل الدنيا.
١٥ ـ ١٧ ـ (ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) استبعاد واستنكار لطمعه وحرصه أي يرجو (٥) أن أزيد في ماله وولده من غير شكر. وقال الحسن : أن أزيد أن أدخله الجنة فأعطيه (٦) مالا وولدا كما قال : (لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) (٧) (كَلَّا) ردع له وقطع لرجائه أي لا يجمع له بعد اليوم بين الكفر والمزيد من النّعم ، فلم يزل بعد نزول الآية في نقصان من المال والجاه حتى هلك (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا) للقرآن (عَنِيداً) معاندا جاحدا ، وهو تعليل للردع على وجه الاستئناف ، كأن قائلا قال : لم لا يزاد؟ فقيل : إنه عاند (٨) آيات المنعم وكفر بذلك نعمته والكافر لا يستحقّ المزيد (سَأُرْهِقُهُ) سأغشيه (صَعُوداً) عقبة شاقة المصعد ، وفي الحديث : (الصّعود جبل من نار يصعد فيه
__________________
(١) في (ظ) و (ز) ممدودا.
(٢) في (ز) ثمرها.
(٣) هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، أخو خالد ، هكذا وردت ترجمته في الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (٥ / ٦ / ٢٨٨) ولم يذكر مولده أو وفاته أو أي معلومات أخرى.
(٤) عمارة بن الوليد بن المغيرة أخ لخالد بن الوليد سحر بأمر من النجاشي وهام مع الوحش فخرج إليه ابن عمه عبد الله بن أبي ربيعة زمن عمر بن الخطاب فعثر عليه والتزمه ، ثم قتله فمات. فواراه وكان شعره قد غطى كل شيء منه. (تاريخ الإسلام ـ عهد الخلفاء الراشدين) ص ٢٩٢.
(٥) في (ظ) و (ز) فيرجو.
(٦) في (ز) فأوتيه.
(٧) مريم ، ١٩ / ٧٧.
(٨) في (ز) جحد.