قال أحمد : لعلّ الله يغفر له ، يعني محمد بن هارون ، وكان اسماعيل بن عليّة أحق أن يرجو له أحمد ، لأنّه إمام مثله علما وورعا ، وإن فرض خطؤه فيما زعم أحمد ، فعفو الله أوسع ، وما خطؤه فيها كمن يقعد في الخلافة خاليا عن صفاتها ويعوث (١) في الدماء ، والأموال!.
غفر الله لأحمد ، لقد بلغ في هذه المسألة ما أمكنه من التعصب ، حتى صار يرد كل من خالفه فيها ولا يقبل روايته ، وهذه خيانة للسند ، فإنّ الّذي أوجب قبول خبر العدول ، يوجب قبول خبر هذا ، وها هو ذا يقول : نروي عن القدريّة.
ولو فتّشت البصرة وجدت ثلثهم قدرية. هكذا في تهذيب المزّي وغيره.
وهذه المسألة لا تزيد على القدر لو كان للخلاف في المسألتين استقرار ، بل زاد فصار يرد الواقف ويقول :
«فلان واقفي (٢) مشوم» بل غلا وزاد وقال : لا أحبّ الرواية عمن أجاب في المحنة كيحيى بن معين. مع أن أحمد ليس من المتعنتين ، ولا من المتشددين.
فمن شيوخه : عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير بن العوّام.
قال فيه النسائي : ليس بثقة ، وقال الدار قطني بتركه. وقال ابن معين :
كذّاب خبيث عدوّ الله ، ليس بشيء وقال : جنّ أحمد ، يحدث
__________________
(١) يقال : عثى يعثي وعثا وفيه لغة أخرى عاث يعيث وهو أشدّ الفساد ص ٤٣ من كتاب «القرملين».
(٢) الواقف هو الذي يتكلم في مسألة خلق القرآن.