قال ابن القطان : تكلم في كلّ ما لم يقل فيه إمام عاصر ذلك الرجل ، أو أحد ممّن عاصره ما يدل على عدالته ، وهذا شيء كثير ، ففي الصحيحين من هذا النمط خلق كثير مستورون ما ضعّفهم أحد ، ولا هم مجاهيل ؛
وقال في ترجمة مالك بن خير الزبادي :
في رواة الصحيحين عدد كثير ما علمنا أحدا نصّ على توثيقهم.
فانظر : هذا العجب. يروي عمن حاله ما ذكر ، ويترك أئمة مشاهير مصنّفين لأنّهم قالوا بخلق القرآن ، أو وقفوا ، أو نحو ذلك.
والعجب هنا من مجاملة الذهبي بقوله : ولا هم مجاهيل ، فمن لم يعلم عدالته لم تشمله أدلّة قبول خبر الآحاد الخاصة بالعدول ، والاصطلاح على تسميته مستورا لا يدخله في العدول الذين تتناولهم أدلّة قبول الآحاد ، فهذا تفريط ، وإفراط!
يترك أبا حنيفة ، ومحمد بن الحسن ، وابن إسحاق ، وداود الظاهري.
ومنهم : من أذعن له الناس في المغازي ، ومنهم : من تبعه شطر أهل البسيطة ، ثم يروي عن مستور لا يعلم من هو ، ولا ما هو.
وليس مرادنا الحط من الصحيحين ، ولكن ليعلم أنّ الخلاف دخلت مفسدته في كلّ شعب ، فهذا هو ما نحن بصدده من التنقير عن الخلاف فاعلمه ا ه باختصار (١).
ثم قال المقبلي في ذيل هذا الكتاب المسمّى بالأرواح النوافخ فيما شرح به قوله (٢) :
__________________
(١) من كتاب العلم الشامخ للمقبلي.
(٢) ص ٦٨٧ ـ ٦٨٨.