فقال الجارود : أنشدك الله.
فقال عمر : لتمسكنّ لسانك أو لأسوأنّك.
فقال : يا عمر ما ذاك بالحق أن يشرب ابن عمك الخمر وتسوءني.
فقال أبو هريرة : يا أمير المؤمنين إن كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنة الوليد فأسألها ـ وهي امرأة قدامة ـ فأرسل عمر إلى هند بنت الوليد ينشدها ، فأقامت الشهادة على زوجها.
فقال عمر لقدامة : إنّي حادّك ، فقال قدامة :
لو شربت كما تقول ما كان لكم أن تحدّني.
فقال عمر : لم؟
قال قدامة : قال الله عزوجل : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا ...) الآية.
فقال عمر : أخطأت التأويل أنت إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرّم الله ، ثم أقبل عمر على الناس فقال :
ما ترون في جلد قدامة؟
فقالوا : لا نرى أن تجلده ما دام مريضا. فسكت على ذلك أيّاما ثم أصبح وقد عزم على جلده فقال : ما ترون في جلد قدامة. فقالوا : لا نرى أن تجلده ما دام وجعا.
فقال عمر : لأن يلقى الله تحت السياط أحبّ إليّ من أن ألقاه وهو في عنقي ، ائتوني بسوط تام. فأمر به فجلد (١).
هذه قصة قدامة ، وإقامة الحد عليه ، وتأويله فيما ارتكبه ، ولم نوردها لنحط من كرامته ، أو نطعن عليه في دينه ، فله شرف الهجرة
__________________
(١) الإصابة في تمييز الصحابة : ٣ / ٢٢٨.