إصلاح ذات البين ، وفساد ذات البين هي الحالقة» ..
ولم يكتف النبي صلىاللهعليهوسلم بهذا فقرّر لهم أنّ العمل على تقوية الاجتماع يقي من عذاب يوم القيامة ، وعذابها تقشعرّ من سماعه الأبدان. فقال :
«من زحزح عن المسلمين شيئا يؤذيهم ، كتب الله له به حسنة ، ومن كتب الله له حسنة أوجب له بها الجنّة».
«من أقرّ عين مؤمن ، أقرّ الله عينه يوم القيامة».
«إذا التقى المؤمنان فتصافحا ، قسمت بينهما سبعون مغفرة ، تسع وتسعون لأحسنهما بشرا» ..
كل هذه الأحاديث وكثير من أمثالها ممّا ليس له نظير في دين من الأديان ، ولا جاء على لسان واحد من المصلحين الاجتماعيّين ، جعلت من جماعة المسلمين أمّة كرجل واحد.
وإذا بلغت أمة هذا الحدّ من التضامن ، والتعاون فلا يمكن أن تنحل ، أو تختل بتأثير الحوادث العادية ، ويكون لا بدّ لحدوث ذلك الانحلال من عوامل أقوى منها تتنزّل من ضعف إيمانها بصدد الوصايا التي ذكرت بعضها في هذه العجالة ، وطروء الضّعف على هذا المصدر يصعب في قرن أو قرنين ، وعوامله أكثرها علميّة ، أو فلسفية تطرأ على شكل شبهات ، وهي لا تحدث في الأمم إلّا بعد أن يبلغ العلم فيها أشدّه بعد عدّة أجيال ، أي بعد أن يكون الغرض المقصود من التبليغ العام قد تمّ وأحدث في العالم ثمراته المرجوّة ، وهذا هو الّذي حدث فعلا ، فبعد أن أتمّ الإسلام تأليف أمّته المثالية في مدّة من الزمن لا تكفي لتأليف قبيلة ، وبعد أن قامت هذه الأمّة المثالية بإحداث الانقلابات الاجتماعية ، والتطورات الفكريّة ، والتوجيهات الأدبيّة في