وإنا إذ نسوق ما سقناه من عرض الحقائق على وجهها ، وإظهار وقائع التاريخ بعد تمحيصها ، لا نقصد وايم الله أن ننال أحدا بسوء من عندنا ، وإنّما لنبيّن في غير حرج أمر الصحابة على حقيقته ، وأنّهم أناس من الناس فيهم البّر والآثم ، والصادق وغير الصادق ، وأنّهم كانوا يعيشون في الحياة ويستمتعون بها كما يعيش الناس. ويستمتعون ، وهذا كلّه لا يضرّ الإسلام في شيء وإنّ ضياءه ليشرق من كتابه العظيم على الناس إلى يوم الدين.
وقال العلّامة الكبير السيّد هاشم معروف الحسني تحت عنوان : عدالة الصحابة :
وإلى جانب التصوف ، والإرجاء ، والجبر برز في مطلع العهد الأموي سلاح آخر لعلّ أثره على العقول ، والقلوب ، والأفكار ، ومساندة الحكم الأموي لا يقل عن آثار الأسلحة الثلاثة ، ذلك السلاح هو عدالة الصحابة.
لقد برزت هذه الفكرة في مطلع العهد الأموي بعد أن أكلت الحروب الكثير منهم ومات أكثر الباقين بآجالهم.
وكان من الطبيعي بعد ذلك التاريخ الذي تركه الأمويّون الملوّث بالشرك والجرائم ، والذي كان ماثلا لدى الجميع أن يحاولوا استبدال تلك الصورة الكريهة العالقة في الأذهان عنهم نتيجة لمواقعهم المعادية للإسلام حتى بعد أن دخلوا فيه مكرهين ، كان من الطبيعي أن يحاولوا استبدال تلك الصورة بصورة تتناسب مع مراكزهم التي تسنّموها باسم الإسلام فوضعوا فكرة العدالة لجميع من عاصر الرسول من المسلمين حتى ولو لم يره ، أو يسمع منه شيئا ، وتوسع بعضهم فيها وأثبتها لكل من ولد في عصر الرسول ، وما دام ابو هريرة ، وزملاؤه من الوضاعين في