الغضارة والبهاء والكرامة والبهجة التي ليست بخلف مما زين الله به العلماء وبما أعطوا من العقبى الدائمة والكرامة الباقية ، ذلك بأن العاقبة للمتقين والحسرة والندامة والويل الطويل على الظالمين. فاعتبروا بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار إذ يقول : (لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ..) (المائدة : ٦٣) ، وقال : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ. كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة : ٧٨ ـ ٧٩).
وإنما عاب الله ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم الأمر المنكر من الفساد في بلادهم فلا ينهون عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم ، ورهبة مما كانوا يحذرون ، والله يقول : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ..) الآية (المائدة : ٤٤). وقال : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ..) الآية (التوبة : ٧١) ، فبدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أدّيت وأقيمت استقامت الفرائض كلّها هيّنها وصعبها. ذلك بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام مع رد المظالم ومخالفة