وقال عليهالسلام أيضا : «وإنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحقّ ولا أظهر من الباطل ، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله ، وليس عند أهل ذلك الزّمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته ، ولا أنفق منه إذا حرّف عن مواضعه! ولا في البلاد شيء أنكر من المعروف ، ولا أعرف من المنكر ، فقد نبذ الكتاب حملته وتناساه حفظته ، فالكتاب يومئذ وأهله طريدان منفيّان وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو. فالكتاب وأهله في ذلك الزّمان في النّاس وليسا فيهم ، ومعهم وليسا معهم ، لأنّ الضّلالة لا توافق الهدى وإن اجتمعا ، فاجتمع القوم على الفرقة وافترقوا على الجماعة ، كأنّهم أئمّة الكتاب وليس الكتاب إمامهم ، فلم يبق عندهم منه إلا اسمه ولا يعرفون إلا خطّه وزبره ، ومن قبل ما مثّلوا بالصّالحين كلّ مثلة وسمّوا صدقهم على الله فرية وجعلوا في الحسنة عقوبة السّيّئة (١) ...»
أقول : أصل هذا الكلام مرويّ عن رسول الله فأخذ أمير المؤمنين عليهالسلام شطرا منه وبيّنه بأفضل بيان وتفصيل. روى الكليني في الروضة من الكافي بسنده عن أبي عبد الله الصادق قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام قال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) :
__________________
(١) نهج البلاغة ، خطبة ١٤٧.