(الذاريات : ٤٩) ففرّق بين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد له. شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها ، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقّتها ، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه .. الخبر» (١).
أقول : وسّع عليهالسلام في كلامه معنى ما خلق الله من الزوجين (حيثما ضيقه بعض المفسرين!) (٢) ليشمل كل شيء! وهذا من دقيق تفسيره وحسن تقريره. واستدلّ بزوجيّة الأشياء على أن الله سبحانه لا ضدّ له ولا مثيل ، وفاقا للآية الكريمة التي قال تعالى في ذيلها : (" لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ") : أي خلقنا الأزواج كلها لتتذكّروا فتعرفوا خالقها بالوحدانية وتعبدوه بالإخلاص له ، كما قال عزوجل : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ. وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (الذاريات : ٥٠ و ٥١).
__________________
(١) أصول الكافي ، ج ١ ، ص ١٣٨ ـ ١٣٩ ، قارن بينه وبين ما في نهج البلاغة ، الخطبتين : ١٧٩ و ١٨٦.
(٢) راجع : تفسير الكشاف للزمخشري ـ رحمة الله ـ حيث يقول : (ومن كل شيء) أي : من كل شيء من الحيوان (خلقنا زوجين) ذكرا وأنثى!