أقول : إن عليّا عليهالسلام كان يعمل بهذا العهد في حياته السعيدة ، فقد روي أن الخوارج خاصموه في أمر التّحكيم فقالوا : إنّك جعلت الحكم إلى غيرك وقد كنت عندنا أحكم النّاس! ثمّ ضللت حين حكّمت الرّجال في دين الله عزوجل! فأجابهم عليهالسلام بالكتاب والسنّة فقال :
«وأمّا قولكم إني جعلت الحكم إلى غيري وقد كنت عندكم أحكم النّاس! فهذا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قد جعل الحكم إلى سعد (١) يوم بني قريظة وقد كان من أحكم النّاس ، وقد قال الله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (٢) فتأسّيت برسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ. قالوا : وهذه لك بحجتنا.
قال : وأمّا قولكم إني حكّمت في دين الله الرّجال ، فما حكّمت الرّجال وإنما حكّمت كلام ربّي الذي جعله الله حكما بين أهله ، وقد حكّم الله الرجال في طائر فقال : (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ
__________________
(١) هو سعد بن معاذ رضي الله عنه من أجلاء الصحابة الأنصار وزعيم طائفة الأوس ، استشهد بعد غزوة الأحزاب سنة خمس للهجرة.
(٢) سورة الأحزاب : ٢١.