.................................................................................................
______________________________________________________
فيه في أنّ العقاب فيه على تقدير المخالفة على السفر خاصّة ، وفيما نحن فيه على تقدير وجوب الاحتياط شرعا لو خالفه على كلّ من ترك الاحتياط والواقع لو فرضت مخالفة عمله له ، فيعاقب عقابين ، أحدهما لترك الاحتياط ، والآخر لمخالفة الواقع.
ثمّ إنّا لو قلنا بوجوب مقدّمة الواجب شرعا بواسطة حكم العقل لا نقول به فيما نحن فيه ، لوضوح الفرق بين المقدّمات الوجوديّة كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة ، والمقدّمات العلميّة كالإتيان بجميع أطراف الشبهة لتحصيل العلم بالواقع ، لكون الاولى مقدّمة لنفس الواجب ، فلا يبعد إلزام العقل بملاحظة خطاب الشارع بالإتيان بها ، بخلاف الثانية ، لفرض كونها مقدّمة للعلم بحصول الواجب في الخارج لا لنفسه ، لإمكان حصوله بدونه كما لا يخفى ، فحكم العقل بالإتيان بها إنّما هو لمجرّد الإرشاد إلى التحرّز عن احتمال ترك الواجب الواقعي الموعود بالعقاب عليه كما أسلفناه. وأمّا الاستصحاب فمن وجهين :
أحدهما : أنّ الظاهر المتبادر من حكم العقل حيث يطلق هو حكمه على سبيل القطع والجزم ، ولا ريب في عدم حكمه ببقاء الحالة السابقة كذلك في الاستصحاب ، لكون حكمه فيه ظنيّا كما هو واضح ، فلا ينطبق عليه ما تقدّم من تعريف الدليل العقلي.
وثانيهما : ـ مع تسليم كونه أعمّ من القطعي والظنّي ـ أنّ المعتبر في حكم العقل حصوله من مقدّمتين ، إحداهما عقليّة أو عاديّة ، وهي الصغرى ، والاخرى : عقليّة محضة ، وهي الكبرى ، فيقال : هذا ظلم ، وكلّ ظلم قبيح ، بخلاف الاستصحاب ، فإنّ الصغرى فيه ـ أعني قولنا : إنّ هذا الحكم كان محقّقا سابقا ـ مستفادة من الشرع ، وإن كانت كبراها ـ أعني قولنا : كلّ ما هو كذلك فهو مظنون البقاء ـ مستندة إلى العقل ، والنتيجة تابعة لأخسّ مقدّمتيها ، فإذا كانت إحداهما شرعيّة لا تكون النتيجة عقليّة ، كما أنّه لو كانت إحداهما ظنّية لا تكون النتيجة قطعيّة ،