.................................................................................................
______________________________________________________
وحينئذ لا ينطبق عليه تعريف الحكم العقلي. ولأجل ذلك قد ذكر الأكثر المفاهيم في مباحث الألفاظ دون الأدلّة العقليّة ، لكون الصغرى فيها مستندة إلى اللفظ ، لأنّه يقال فيها : إنّ هذا الحكم لازم لمنطوق هذا اللفظ بالدلالة الالتزاميّة ، وكلّ ما هو كذلك فهو مقصود للمتكلّم. وكذلك مقدّمة الواجب ، لكون الصغرى فيها أيضا مستندة إلى الخطاب الشرعيّ ، لأنّه يقال فيها : إنّ هذا ممّا يتوقّف عليه وجود الواجب ، وكلّ ما هو كذلك فهو واجب.
والحاصل : أنّ ذكرهم المفاهيم ، وكذا مقدّمة الواجب ، وكذلك اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه ، في مباحث الألفاظ إنّما هو من جهة عدم كون الصغرى فيها مستندة إلى العقل ، فلا ينطبق عليها تعريف الدليل العقلي بأنّه حكم عقلي يتوصّل به إلى حكم شرعيّ. وما نحن فيه أيضا كذلك ، فلا وجه لإدراجه في الأدلّة العقليّة.
وأمّا التخيير فلأنّه في حكم الاحتياط ، من حيث كونه من قبيل امتثال التكليف المعلوم إجمالا ، فلا يتعلّق به خطاب شرعيّ كما تقدّم ، لرجوعه إلى الاقتناع ببعض محتملات الواقع المعلوم إجمالا فيما لا يمكن فيه الاحتياط ، أو هو راجع إلى البراءة ، لأنّ مرجعه إلى نفي احتمال تعيين أحد الطرفين كما قدّمناه ، فيأتي فيه ما قدّمناه في أصالة البراءة.
وقد ظهر ممّا ذكرناه حقّية ما أسلفناه من فساد إدراج الاصول الأربعة في الأدلّة العقليّة. اللهمّ إلّا أن يحمل ذلك منهم على التسامح ، بأن يقال في أصالة البراءة : إنّ العقل في مشتبه الحكم الواقعي وإن لم يحكم بشيء من الأحكام الخمسة ، إلّا أنّ إدراجها في الأدلّة العقليّة لأجل المسامحة في إطلاق الحكم المأخوذ في تعريف الدليل العقلي بأنّه حكم عقلي يتوصّل به إلى حكم شرعيّ ، بأخذه في الموضعين أعمّ من إثبات حكم ونفيه ، ولا ريب في حكم العقل بنفي التكليف في مقام الظاهر في موارد الشبهة التكليفيّة ، فبهذا الاعتبار يصحّ إدراجها في الأدلّة