الغير ولو بالأصل ينتفي الحرمة. ومن قبيل ما لا يجري فيه أصالة الاباحة : اللحم المردّد بين المذكّى والميتة ؛ فإنّ أصالة عدم التذكية المقتضية للحرمة والنجاسة حاكمة على أصالتي الإباحة والطهارة. وربّما يتخيّل (١٢٩٢) خلاف ذلك تارة لعدم حجيّة (١٢٩٣) استصحاب عدم التذكية ، واخرى لمعارضة أصالة عدم التذكية بأصالة عدم الموت والحرمة والنجاسة من أحكام الميتة.
والأوّل مبنيّ على عدم حجيّة الاستصحاب ولو في الامور العدميّة. والثاني مدفوع (١٢٩٤) أوّلا بأنّه يكفي في الحكم بالحرمة عدم التذكية ولو بالأصل ،
______________________________________________________
١٢٩٢. المتخيّل جماعة كصاحب المدارك والذخيرة والفاضل التوني والسيّد الصدر ، حيث تمسّكوا بأصالة البراءة في باب الجلود واللحوم تضعيفا للاستصحاب ، إمّا لعدم حجّيته أو كونه معارضا بالمثل كما ستعرفه. ولا أعلم في ذلك من سبق على صاحب المدارك.
١٢٩٣. قد يقال أيضا : إنّ المقصود من استصحاب عدم التذكية إثبات كون اللحم المردّد ميتة ، لكون الحرمة والنجاسة مترتّبتين عليها ، وإثبات أحد الضدّين بنفي الآخر بالأصل لا يتمّ إلّا على القول بالاصول المثبتة. والجواب عنه أيضا يظهر ممّا ذكره المصنّف رحمهالله.
١٢٩٤. منع حجيّة الاستصحاب ـ سيّما في العدميّات ، كما زعمه صاحب المدارك ـ لمّا كان في غاية الضعف تعرّض المصنّف رحمهالله لدفع الوجه الثاني أوّلا بما حاصله : أنّ التذكية والموت وإن سلّمنا كونهما من الامور الوجوديّة ، إلّا أنّ تعارض الاستصحابين إنّما يتمّ لو كانت الطهارة والحلّ في الأدلّة محمولين على عنوان المذكّى ، والحرمة والنجاسة أيضا على عنوان الميتة ، وليس كذلك ، إذ الأخيرتان مرتّبتان في الأدلّة على عدم التذكية دون الموت ، لأنّ مقتضى منطوق قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ ...) تعلّق الحلّ بعنوان التذكية ، ومقتضى المفهوم المخالف للحصر فيه تعلّق الحرمة بعدم التذكية دون الموت. وما يتراءى من خلاف