ولا يتوقّف على ثبوت الموت حتّى ينتفي بانتفائه ولو بحكم الأصل. والدليل عليه : استثناء (ما ذَكَّيْتُمْ) من قوله (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) (٥) فلم يبح الشارع إلّا ما ذكّي ، وإناطة إباحة الأكل بما ذكر اسم الله عليه وغيره من الامور الوجوديّة المعتبرة في التذكية ، فإذا انتفى بعضها ـ ولو بحكم الأصل ـ انتفت الإباحة. وثانيا : أنّ الميتة عبارة عن غير المذكّى ؛ إذ ليست الميتة خصوص ما مات حتف أنفه ، بل كلّ زهاق روح انتفى فيه شرط من شروط التذكية فهي ميتة شرعا. وتمام الكلام في الفقه.
______________________________________________________
ذلك ، من قوله سبحانه : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) وكذا من عدّ الفقهاء للميتة من أقسام النجاسات ، مندفع بأنّ مقتضى الجمع بين مفهوم الآية الاولى ومنطوق الثانية هو حمل الميتة في الثانية على إرادة غير المذكّى منها ، وحينئذ لا بدّ من حمل كلمات الفقهاء على ذلك أيضا ، كما هو واضح.
وإذا ثبت كون المناط في الحكم بالحلّ والطهارة أو الحرمة والنجاسة هو عنوان التذكية وعدمها ، فلا بدّ في محلّ الفرض من الحكم بالحرمة والنجاسة ، لأصالة عدم التذكية من دون معارضة شيء ، لفرض عدم ترتّب شيء على أصالة عدم الموت حتّى تكون معارضة لها ، كما عرفت نظيره عند شرح قوله : «ونحوه المال المردّد ...». ومع تسليم ظهور الآية الثانية في تعلّق الحرمة بعنوان الميتة ، فلا ريب أنّه لا دلالة فيها على الحصر. وحينئذ يثبت للحرمة عنوانان ، أحدهما : موت الحيوان بحتف الأنف ، والآخر : كون الحيوان غير مذكّى ، كما هو مقتضى الحصر في الاولى ، فلا يحتاج إثبات الحرمة والنجاسة حينئذ أيضا إلى إثبات الموت بحتف الأنف ، لفرض كفاية إثبات عدم التذكية أيضا في ذلك ولو بالأصل ، فتدبّر.
وثانيا : بما حاصله أيضا ـ مع تسليم كون الحرمة والنجاسة مترتّبتين على عنوان الميتة ـ أنّ الميتة هو غير المذكّى على نحو ما أفاده ، فليس هنا أمران وجوديّان قد ترتّب على كلّ منهما حكم مخالف للآخر ، حتّى يكون نفي أحدهما بالأصل معارضا لنفي الآخر كذلك.