الثاني : أنّ الشيخ الحرّ قدسسره أورد في بعض كلماته اعتراضا على معاشر الأخباريّين ، وحاصله أنّه ما الفرق بين الشبهة في نفس الحكم وبين الشبهة في طريقه حيث أوجبتم الاحتياط في الأوّل دون الثاني؟ وأجاب بما لفظه : أنّ حدّ الشبهة في الحكم ما اشتبه حكمه الشرعيّ أعني الإباحة والتحريم ، كمن شكّ في أكل الميتة أنّه حلال أو حرام ، وحدّ الشبهة في طريق الحكم الشرعيّ ما اشتبه فيه موضوع الحكم مع كون محموله معلوما ، كما في اشتباه اللحم الذي يشترى من السوق لا يعلم أنّه مذكّى أو ميتة ، مع العلم بأنّ المذكّى حلال والميتة حرام. ويستفاد هذا التقسيم (١٢٩٥) من أحاديث الأئمة عليهمالسلام ومن وجوه عقليّة مؤيّدة لتلك الأحاديث ويأتي بعضها.
وقسم متردّد (١٢٩٦) بين القسمين ، وهي الأفراد التي ليست بظاهرة الفرديّة لبعض الأنواع ، وليس اشتباهها بسبب شىء من الامور الدّنيوية كاختلاط الحلال بالحرام بل اشتباهها بسبب أمر ذاتيّ أعني اشتباه صنفها في نفسها ، كبعض
______________________________________________________
١٢٩٥. يعني : حكمه.
١٢٩٦. المراد بهذا القسم ما كانت الشبهة ناشئة من الإجمال في مفهوم متعلّق التكليف ، لدورانه بين الأقلّ المعلوم الاندراج والأكثر المشكوك فيه. وإنّما جعله واسطة بين القسمين لأنّ الشبهة الحكميّة عنده ما اشتبه حكمه التكليفي ، أعني : الحرمة والإباحة ، والحكم فيما نحن فيه متبيّن بالفرض ، والشبهة في طريقه عبارة عمّا كانت الشبهة فيه ناشئة من اختلاط الامور الخارجة ، والفرض في المقام خلافه أيضا.
هذا بناء على ما يظهر من عبارة الشيخ الحرّ. وأمّا على ما اختاره المصنّف رحمهالله فالشبهة في متعلّق التكليف إذا لم تكن ناشئة من اختلاط الامور الخارجة مندرجة في الشبهة الحكميّة ، سواء دار الأمر فيها بين الأقلّ والأكثر أم بين المتباينين ، وسواء كان منشأ الشبهة فقدان النصّ أم إجماله أم تعارضه ، كما أوضحناه عند بيان ما يتعلّق بحجيّة القطع ، فراجع.